بعد أيّام قليلة على صدور ألبومه الجديد «قصر الشّوق» التقيناه، مرتاحاً لأصداء الألبوم بدا بعد أشهر قضاها متوتّراً بانتظار صدوره، وجاء ما يبدّد خوفه. فالكثيرون راهنوا على عمله الجديد حتّى قبل أن يسمعوه، إذ تمكّن الفنّان مروان خوري بعد سنوات من العمل الدّؤوب، تمكّن من بناء هذا الجسر من الثّقة، وهو لم يخيّب آمال الذين راهنوا عليه، فقدّم تسع أغان جميلة، ليردّ بها على كل المتعدّين على الفن، ويقول أنّ ثمّة مكانا في السّاحة للفنّ الرّاقي. في ألبومه الجديد، يثبت مروان نفسه كمغنّ بعد أن أثبت نفسه كملحّن وشاعر، فالأغاني الجديدة أنصفت صوته وكشفت عن مساحات لم يكشفها من قبل، في جو شاعري وكلمات بعيدة عن تلك المستهلكة في أغاني اليوم . نبادره بالسؤال عن أصداء ألبومه بعد أيّام قليلة على صدوره يقول: أصداء الألبوم الأولى إيجابيّة جداً خصوصاً أغنية «قصر الشّوق» التي أطلقتها أولاً، ونسبةً إلى الأوضاع الأمنيّة والسّياسيّة التي يمرّ بها لبنان، أعتقد أن صدى الألبوم أكبر ممّا كنت أتوقّع. ٭ كان من المفترض أن تطلق الألبوم قبل أكثر من شهر، فلماذا هذا التّأخير، خصوصاً أنّ معظم النّجوم اختاروا هذا التّوقيت لإطلاق أعمالهم الجديدة؟ - لم يعد ثمّة مساحة خالية طوال العام، لذا كنت أفضّل إطلاق العمل في شهر مايو، وهو الوقت الذي تخلو فيه السّاحة الفنيّة عموماً من زحمة الإصدارات، لكنّ العمل تأخّر لأسباب روتينيّة. ٭ لماذا لم تصوّر فيديو كليب مع صدور الألبوم؟ - الأمر يعود إلى أسباب إنتاجيّة بحتة. ٭ هل ستستمر في التّعاون مع شقيقك كلود كمخرج لأغانيك؟ - في كليب «قصر الشّوق»، سأتعاون مع كلود، وقد أصبحت الفكرة جاهزة وننتظر التّنفيذ، أمّا في المستقبل فلا مانع لديّ من التّعاون مع أسماء اخرى. ٭ هل أنصفك شقيقك في الصّورة التي قدّمك بها؟ - أنصفني إلى حدّ ما. ٭ ثمّة جو في الألبوم يعود بنا إلى الأغاني اللبنانيّة التي كانت رائجة في السّبعينيات، فهل أنت متأثّر بأغاني الماضي؟ - بقدر ما أنا متأثّر بأغاني الماضي، لديّ رؤية نحو المستقبل لتطوير الأغنية وتقديمها بصورة حديثة تناسب تطلّعاتي المستقبليّة. ٭ صرّحت لدى إطلاقك ألبوم «كل القصايد» أنّ كل فنّان يطلق أكثر من ثماني أغان في ألبوم واحد، يكون بصدد البحث عن الأغنية الضّائعة، فهل وجدت الأغنية الضّائعة في ألبوم «قصر الشّوق»؟ - أغنية «قصر الشّوق» كانت أوّل أغنية أنفذّها من العمل، وقد راهنت عليها منذ البداية، هدفي كان التّنويع، وقد استمرّيت في إضافة الأغاني حتّى اللحظة الأخيرة، لخلق نوع من التوازن بين اللون الكلاسيكي واللون الشّعبي والإيقاعي، مع أنّ الأغاني متشابهة إلى حدّ ما، وتحمل جميعها توقيعي. وأذكر هنا أنّ ثمّة أغنيتين من الألبوم سجّلتهما قبل حوالي الشّهر. ٭ «قصر الشّوق» التي اخترتها عنواناً للألبوم، هل كتبتها لامرأة ما؟ - هي امتداد لأغنية «كل القصايد»، لم أكتبها لامرأة معيّنة، لكنّي ما زلت أبحث عن تلك المرأة. «قصر الشّوق» أغنية نابعة من أعماقي، أحبّها كثيراً، وهي تعبّر عنّي دائماً. ٭ لماذا يسكن الشّجن معظم أغانيك العاطفيّة؟ - لأنّ الشّجن والحزن يعبّران عن جزء من شخصيّتي، لست شخصاً سوداوياً في حياتي اليوميّة، لكنّ الحب يشعرني بنوع من الحزن. ٭ ألا تؤمن أنّ ثمّة حب سعيد؟ - ربّما، لكنّ هذا النّوع من الحب نادر الوجود، ولم أصادفه حتّى اليوم، لذا أعتبر أنّ الحزن والفراق وعدم التّوازن، أمور تعطي الحب هذا الشّجن وتؤجّجه. ٭ هل هذا امتداد لتجربة ما، أم انعكاس لرؤيتك الشّخصيّة للحب؟ - لا علاقة لتجاربي السّابقة بنظرتي إلى الحب، بل هي نظرة تنبع من شخصيّتي، فنفس التّجربة قد تؤثر في شخصين مختلفين كل حسب شخصيّته وتفاعله مع التّجربة. قد أكون حساساً أكثر من اللزوم، وأحياناً أبالغ في مشاعري، وقد أتأثّر بتجارب الآخرين، فأؤلّف أغنية حزينة، وقد أتأثّر بأحداث وطنيّة وأترجمها بأغنية عاطفيّة، قد لا تكون ذات صلة مباشرة بهذه الأحداث. ٭ على سيرة الأحداث الوطنيّة، لماذا لم تطلق أسوة بغيرك من الفنّانين أغاني تعبّر عن واقع المرحلة الحاليّة، بعد سنة قاسية مرّت على لبنان، هل تعتبر نفسك منفصلا عن هموم الوطن، أو أنّك لم تجد حتّى اليوم ما يعبّر عمّا تشعر به؟ - حبّ الوطن موجود بداخل كل منّا، وليس من الضّروري أنّ أغنّي لوطني لأعبّر عن حبّي له، التعبير عن الوطن في حالة الخسارة لا يستفزّني، فنحن نخسر يومياً إنجازات بنيناها على مدى سنوات، وهذه الخسارة لا تستفز فيّ الشّاعر ولا الملحّن، أحب ان أعبّر عن تطلّعاتي لوطن عظيم للمستقبل. هذه الأحداث هزّتني ومعظم أغانيّ الحزينة كانت نتيجة هذه المرحلة، فالموسيقى هي وليدة المجتمع، بالتّالي كل ما نسمعه اليوم من أغان عاطفيّة هو بسبب حاجة النّاس المتعبين، الذين يحتاجون إلى التعبير عن ذاتهم بصورة بعيدة عن الواقع المرير. ٭ تتحدّث عن واقع مرير وجمهور متعب، ألا يحتاج هذا الجمهور إلى مسحة فرح في الأغنية؟ - بلى، لكن ثمّة فارق بين الحزن الذي ينمّي المشاعر الإنسانيّة، وبين الحزن الذي يأتي نتيجة صدمات وحالات قنوط ويأس. الفن الجميل دائماً يولّد أحاسيس جميلة. نحن بالنّتيجة أولاد الحرب، أنا نشأت وعشت في مجتمع يسكنه الحرب، ولا يزال يعيش حروباً من نوع آخر، لذا لا أستطيع أن أقدّم فناً منفصلاً عن واقعي. ٭ أغاني «قصر الشّوق»، هل كتبتها ولحّنتها لتغنّيها، أم سبق أن عرضتها على غيرك من الفنّانين، كما فعلت مع أغاني ألبوم «كل القصايد»؟ - بعضها عرضته على أكثر من فنّان مثل «عندي شعور»، «وبقلّك شو» وغيرها، لكن ليس كل أغنية يرفضها فنّان هي أغنية ليست جميلة، فالفن أذواق، وأنا شخصياً لا أعمل على الأغنية الضّاربة فحسب، بل أحب أن أقدّم الأغنية التي تبني شخصيّة وتستمر. ثمّة أغان كتبتها أنا مثل الأغنية التي كتبتها باللغة الفصحى «يا من بدمعي»، «خايف لا تروحي» و«قصر الشّوق». ٭ عرضت أغنية «عندي شعور» على الفنّانة أنغام ورفضتها، فبماذا برّرت رفضها للأغنية رغم روعة لحنها وكلماتها؟ - أنغام سمعت الأغنية وأعجبتها، ولم يكن ثمّة نصيب بيننا لنتعاون في هذه الأغنية، وحقّها الطّبيعي أن تقبل أو ترفض. ٭ ألم ترفض الأغنية لأنّ كلماتها لبنانيّة؟ - لا أعرف لكن ربّما هذا هو السّبب. ٭ لماذا هوجم برأيك الفنّان عبد المجيد عبد الله لتّعاونه معك في أغنية «سمّعني غنيّة»، ولامه البعض لغنائه اللون اللبناني؟ - سمعت أكثر من تصريح لعبد المجيد عبد الله يعتبر فيه أنّ غناءه اللون اللبناني أمر إيجابي، لكن دائماً ثمّة متعصبّين قلائل، يضيّعون قيمة الأشياء الحلوة من باب التعصّب، ثمّة أشخاص يتمسّكون بالقشور، وبرأيي هذه قشور خارجيّة لا قيمة لها، عبد المجيد فنّان خليجي أعطى الأغنية الخليجيّة الكثير، وأن ينوّع في أغانيه فهي بمثابة خطوة جيّدة وغنىً له وللأغنية اللبنانيّة في آن معاً. ٭ هذا النّقد برأيك ألم يخفّف من وهج الأغنية، لا سيّما بعدما أثير حولها من مشاكل؟ - بالطّبع أثّر ولو بنسبة ضئيلة، الأمور السّيّئة تؤثّر دائماً، لكن الفن الجميل يستمر على المدى الطّويل، غير أنّي لن أكابر، وأعترف أنّ هذا النّوع من النّقد يربك الفنّان. ٭ من تضايق أكثر جرّاء ما كتب، أنت أم عبد المجيد؟ - أعتقد أن كلانا تضايق بنفس الطّريقة. ٭ الأغنية كانت مشروع ديو بينكما؟ - فكّرنا بهذا الموضوع، لكن نتيجة هذه الأجواء عدلنا عن الفكرة. ٭ كان من المفترض أن تصوّر الأغنية تحت إدارة شقيقك المخرج كلود خوري، وما لبث أن حدثت مشاكل أعاقت التّصوير، فهل توضح لنا بالضّبط ما جرى؟ - بصراحة كانت لدينا فكرة، وحين بدأنا بتنفيذها رأينا أنّ توقيتها ليس مناسباً. ٭ الفكرة كانت أن تشاركه الكليب؟ - نعم، لكنّي اكتشفت أنّه ليس الوقت المناسب لأنّي كنت منشغلاً بالتحضير لعملي الجديد. ٭ ألم يكن لعبد المجيد نفسه تحفّظات حول الفكرة؟ - ربّما اختلفنا على بعض النّقاط، هو حدّد مشاركتي له بغير الطّريقة التي حدّدتها أنا، ربّما شعر بأنّي أخذت مساحة أكثر كمغنّ، عند التنفيذ شعرنا بأنّ الموضوع صعب، وقد اتفقنا على إيقاف التّصوير من دون زعل. ٭ سمعنا أنّه سيصوّر الأغنية مع مخرج آخر؟ - ربّما وهذا حقّه. ٭ المتضرّر الأكبر إذاً كان أخوك كلود؟ - هذا صحيح، لكنّ كلود فضّل الانسحاب، مع أنّه كان متجرّد جداً من ناحيتي كشقيقه، وفي النّهاية اجتمع مع عبد المجيد وفضّلا أن يوقفا التّصوير بصورة حبيّة بعيداً عن المشاكل، وأؤكّد هنا أن علاقتنا مع عبد المجيد ما تزال جيّدة جداً وأنا فخور جداً لتعاملي معه. ٭ تعاونت مع الفنّان السّعودي الشّاب عبّاس ابراهيم في أغنية «الله معها»، كيف تقيّم صدى الأغنية؟ - لم ألحّن الأغنية واكتفيت بكتابة كلماتها ولم أكن أعرف إلى أين ستذهب، وفي العادة الملحّن هو الذي يلاحق أصداء الأغنية. ٭ هل وجدت أنّ لحن نقولا سعادة نخلة أنصف الأغنية؟ - اللحن جميل جداً، وأداء عبّاس كان رائعاً. ٭ مؤخّراً سمعنا أكثر من فنّان يلومك لأنّك ومنذ احترفت الغناء أصبحت تتفرّد بأغانيك الجميلة، وآخرهم مادلين مطر وصابر الرّباعي؟ - أستبعد أن يصدر كلام كهذا عن صابر لأنّي أثق بذوقه وتهذيبه، هذا الأمر غير صحيح إطلاقاً، فأنا أعرض أغانيّ على الفنّانين، وإذا لم يحبّها أحدهم فهذا بالنّهاية ذوقه، أحياناً أجد أنّ ثمّة أغنية جميلة جداً وأراهن عليها، لكنّها لا تعجب غيري المسألة مسألة ذوق، لكن إذا بدأ البعض بالتّشكيك فهذه مشكلة. وهنا أحب أن أشير إلى ما قالته الفنّانة نوال الزّغبي، التي شكرتني لأنّي لم أعرض عليها أيّة أغنية، لأنّي لم أجد لدي شيئا مناسبا لها وهي قدّرت موقفي. ٭ بعد أن لمع نجمك كمغنّ، وأصبحت تنافس الفنّانين الذين يغنّون ألحانك، هل اختفلت علاقتك بهؤلاء الفنّانين؟ - البعض اختلفت علاقتي به، والبعض الآخر ما تزال علاقتي به كما كانت في السّابق. ٭ لماذا إذاً لم نسمع أغاني تحمل توقيعك بكثرة كما كنا نسمع قبل سنوات؟ - لم يكن ثمّة كثافة إنتاج فنّي هذا العام، لكنّي تعاونت مع الفنّان فضل شاكر ومايا نصري وريدا، ورضا، وثمّة أغان ستصدر قريباً مع الشاب مامي وماجدة الرّومي.. ٭ وماذا عن تعاونك مع أصالة؟ - كان هناك حديث بيننا عن تعاون مستقبلي لكنّنا لم نتّفق على شيء حتّى الآن. ٭ بعد أن أصبح لديك أرشيف غنائي مهم، هل ستغنّي في حفلاتك الأغاني التي لحّنتها لفنّانين آخرين؟ - نعم لكنّي سأكتفي بغناء أغان قليلة لها مكانة كبيرة في قلبي. ٭ هل ندمت على تعاونك مع أحد الفنّانين في فترة سابقة؟ - نعم وقد أعلنت هذا مراراً، فقد سبق أن أعطيت أغاني في السّابق لفنّانين وندمت عليها اليوم لأنّي أفضّل التّعاون مع الأصوات المتمكّنة. ٭ صرّحت مؤخّراً أنّك ندمت على تعاونك مع الفنّانة نورهان، التي كان لها رد قاس عليك، فهل أنت نادم لأنّك جرحتها كما صرّحت في مؤتمر صحفي؟ - لم يكن هدفي أن أجرحها، بل قلت رأيي بصراحة، ولا أنكر أنّي شعرت نوعاً ما بتأنيب ضمير بسبب ردّة فعلها. ٭ تتعاون مع إليسا في أغنيتين، فلماذا تتحفّظ على نورهان وتعطي أغاني لأليسا التي ينتقد الكثيرون طريقة غنائها على المسرح؟ - إليسا فنّانة لها جمهورها وقد تمكّنت من إثبات نفسها على مدى سنوات طويلة. ٭ هل يشفع لإلسيا أنّ لها جمهورا، لو كان لنورهان جمهور كبير هل كنت ستغيّر رأيك في مسألة تعاونك معها؟ - ليس هذا ما قصدته، لكنّ طريقة غناء أليسا والمواضيع التي تختارها جميلة جداً، ولا أحب أن أنتقص من قيمة أحد. ٭ أنت من الفنّانين اللبنانيين القلائل الذين لم يسافروا ليحيوا حفلات غنائيّة في الخارج، فهل سفر الفنّانين يعود إلى قلّة العروض، أم للأسباب الأمنيّة كما يقال؟ - أعتقد أن معظم الفنّانين خافوا أن يلتزموا بحفلات كي لا يحدث في البلد ما يعكّر صفو الأمن قبل موعد الحفلات، لكنّي لم أخف ورفضت عروضاً كثيرة في الخارج، مفضلاً عليها إحياء حفلة في «الريجنسي بالاس» في أدما، لأنّي أعتبر هذا العيد عيدي، بالتالي لن أهرب وسأواجه ما يواجهه غيري من اللبنانيين، علماً أنّه لم يعد ثمّة مكان آمن في العالم. ٭ ما رأيك بألبومات وائل كفوري ونجوى كرم ونيللي مقدسي التي صدرت مؤخراً؟ - سمعت بعض أغاني وائل في الإذاعات ولم أجد فيها شيئاً جديداً، أمّا أغاني نيللي فهي بعيدة جداً عن ذوقي. ٭ وماذا عن نجوى كرم؟ - أشعر أنّ ثمّة جانبا في صوت نجوى لم تستغلّه بعد، فقد سبق وتعاونّا في أغنيتين وشعرت بأنّها قريبة من القلب، وأنّ بإمكانها إعطاء أكثر ممّا تعطي، رغم أنّها عملاقة في مجالها ولها جمهور واسع، لكن أفضّل أن تتّجه نجوى على سبيل التّنويع إلى أغان بعيدة عن اللون الشعبي، خصوصاً أنّ خامة صوتها تساعدها في غناء كافّة الألوان.