كم من الصبر يلزمنا لسماع أم تشتكي عقوق وتمرد فلذات أكبادها...؟ وكم من البشاعة تلتصق بذلك الابن أو البنت وأخص «الذكر» لأنه غالباً ما تتضح تربته في المجتمعات الذكورية مبكراً جداً..!! أما لماذا..؟ فعلى المجتمعات المعنية وحدها الاجابة..! لن أسرد قصص المآسي التي تحكي نوعية خاصة من المعاناة تفوق الوصف وتتعدى الخيال ولن أبث لكم أصوات الأمهات الشاكيات ولكنني أحاول طرح أحد المخارج من هذه المصيبة.. نعم والله إنها مصيبة فهل أمرّ من الجحود وآلم من النكران...؟ سبحان رب العباد الذي جعل من كلمة التأفف وهي أبسط وأصغر العبارات الاعتراضية جعلها عز وجل من علامات العقوق، وعلى الأبناء أن يقيسوا على هذا الوزن ما شاءوا من أشكال وألوان العقوق.. إنها آفة اجتماعية قد نكون أقل المجتمعات شكوى منها ولكنها موجودة وعلينا بترها قبل أن تتفاقم ثم لا نجد لمنهج العقوق تبديلاً. في قصة مأساوية تداولتها الصحف المحلية تسرد عقوق شاب سعودي ضرب والدته مسبباً لها رضوضاً عميقة وكدمات غائرة تتطلب العلاج لأكثر من خمسة أيام حسب ما أثبته الكشف الطبي..! نعم لقد كافأ الصغير الذي أصبح رجلاً كبيراً تجاوز الثلاثين من العمر والدته على عذابات سهرها على راحته ووهن الحمل والرضاعة ومكابدة الألم.. وإطعامه وكسائه والخوف عليه من صغير الضرر.. كل ذلك قابله بالضرب... بل وإن لم ير هذا العاق والدته بصورة الأم الحنون والمربية الرؤوم وهي عادة ما تكون حجة الجاحد وتبرير الناكر للجميل.. كيف استطاع أن يرفع يده وصوته في وجه سيدة أوصى الله بالإحسان لها وخفض جناح الذل نحوها..!!؟ وعودة للقصة المذكورة فقد صدر الحكم على ذلك المخلوق بالسجن ستة أشهر والجلد 225 سوطاً علناً و79 سوطاً لإدمانه المخدر.. انتهت القصة وبقي في القلب مرارة الحدث وفي الحلق غصة الجريمة وعظيم الذنب. وماذا بعد..؟ هل انتهت المشكلة..؟ إنني أطالب ببعض الحلول قبل التوجه للمحكمة بمعنى أن تجد الأم الشاكية عقوق أبنائها وفقدان السيطرة عليهم والأب الذي انحنى ظهره ولا يجد نحو ابنه سبيلاً أن يجد هؤلاء المساكين من يحمي حقوقهم وينقذ قواهم قبل الانهيار فلا شيء يفتك بأرض الخير والبذل أكثر من ظمأ الإحسان والعطاء.. لازلت أكرر السؤال.. أين يتوجه الوالدان في حالة فشلهما في تربية أحد الأبناء؟ هل يتجهان إلى مراكز العلاج النفسي والتقويم السلوكي أو الأسري..؟ إنها مراكز خاصة حديثة متطورة تضم مجموعة من الأطباء والاختصاصيين وطالما حلمنا بوجود تلك الخدمات... ولكننا بحاجة إلى ميزانية ضخمة للوصول مع الطبيب لعلاج مناسب، أما العامة منها فهي مرهونة بالتحويلات الطبية التي لا تستقبل إلا ما استفحل من الأمراض والتي تمتد مواعيدها إلى شهور طويلة.. ألستم معي أن مسؤولية وجود الأجيال السليمة نفسياً وتربوياً هي مسؤولية مشتركة في المجتمع كله وليست مسؤولية الأسرة وحدها..؟ ألا يشكل وجود عنصر فاسد في أي أسرة خطراً وخسارة على المجتمع كله..؟ لعل التجارب الواقعية أثبتت لنا بشكل قاطع هذه القاعدة وقد دفع المجتمع كله ثمن انحراف فئة خسرها الوطن قبل أن تخسرها أسرها وعائلاتها.. إذاً من حقنا أن نسأل أصحاب القرار ماذا صنعتم لشباب الغد من محميات سلوكية ونفسية؟؟؟؟ [email protected]