أبناء تجردت قلوبهم من الرحمة ومن أسمى معاني الإنسانية بعد أن أصبحت قلوبهم أشد من الحجارة قسوة ضربوا اسوأ الأمثلة في العقوق والجحود ونكران الجميل نحو من أحسنوا إليهم في صغرهم وتكبدوا المشاق في سبيل تربيتهم ورعايتهم حتى أصبحوا كباراً بعد أن أشهروا سيوف الغدر في وجوه آبائهم وأمهاتهم بل وتجرأوا على ضربهم وقتلهم أو الاساءة لهم دون رحمة أو هوادة ضاربين بكل القيم والأخلاق والمبادىء عرض الحائط غير مبالين بتوصيات الله وبتعاليمه النيرة التي أوصتنا بضرورة الاحسان إلى الوالدين. حقائق مذهلة ومروعة أكدتها لنا آخر البحوث والدراسات والمستجدات الحديثة التي أثبتت وضمن آخر الاحصائيات ارتفاع معدل العنف ضد الآباء من قبل أبنائهم بشكل مروع لم يسبق له مثيل حيث نتفاجأ ببروز أسوأ أنواع الظواهر على سطح الأرض والتي حرمتها جميع الأديان. حوادث ووقائع مؤلمة ومؤسفة ومروعة جسدتها يد الحقيقة على أرض الواقع لأسوأ ما ارتكبه أبناؤنا من عقوق في حق آبائهم. قصص مأساوية | شاب سعودي عمره (25) عاما يقوم بتقييد والده وربطه في مقعد السيارة ومن ثم يقوم بإشعال النار فيه وحرقه حتى الموت بعد أن أفرغ فوق رأسه جالوناً من الكيروسين بسبب خلاف بسيط نشأ بينهما على مبلغ من المال . | شاب اخر يقوم بتقييد والدته المسنة بحبل في يديها وقدميها ومن ثم ينهال عليها ضرباً وركلاً بسلك كهربائي حتى أوشكت على الموت لولا لطف الله وتدخل الجيران بسبب خلاف مادي. | شاب آخر يقوم بطعن والدته حتى الموت نتيجة مشادة كلامية، وشاب آخر يقوم بقتل والدته المسنة المقعدة في جبال عسير ويضرم النار في جثتها من أجل بيع المنزل والحصول على ثمنه. | شاب آخر وأمام جمع من الناس يقوم بضرب والده المسن وجده بواسطة حبل مربوط بمؤخرة السيارة مما أجبر الآخرين على ضربه وتقييده وتسليمه للشرطة. | شاب اخر في جازان وضمن آخر الاخبار المروعة التي تناولتها وسائل الاعلام يقوم بنحر والده وبطعنه عدة طعنات ثم يقوم بتبيلغ الشرطة على أنها حادثة انتحار. | شاب آخر يقسم رأس والدته إلى نصفين بواسطة ساطور في حي الكعكية بمكة المكرمة. ولم ينته سيناريو العقوق بعد فمازال هناك المزيد والذي تم ادراجه في سجلاتنا الأمنية ومازالت الأيام القادمة حافلة بالمزيد من المآسي المروعة التي يشيب لها شعر الولدان. التربية الفاشلة | الدكتورة مي رشوان الأخصائية النفسية علقت حول هذه الظاهرة في مجتمعنا بقولها... ما أكثر الظواهر السلبية في مجتمعنا والذي ابتلي مؤخراً بالعديد من الظواهر الخطيرة اسوأها على الاطلاق هي ظاهرة العقوق والعنف ضد الآباء من قبل أبنائهم العاقين الجاحدين الناكرين للجميل والذين لم يراعوا الله في حق آبائهم بل جاهروا الله بالمعصية والعقوق ضاربين بتعاليم دينهم الاسلامي الحنيف عرض الحائط دون ذرة استحياء أو خوف من الله وخشية من حسيب أو رقيب فالعنف ضد الآباء يدل دلالة كبيرة على وجود خلل تربوي في محيط الأسرة والتي لم تحسن صنعاً نحو هؤلاء الأبناء فالتربية الأسرية لا تشتمل فقط توفير الغذاء والدواء والكساء إنما تشتمل على أكبر وأعظم من ذلك فالتربية السليمة والتي يجب أن يتلقاها الطفل منذ نعومة أظفاره هي المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وضمن آخر الأسس التربوية الحديثة المنتمية للأخلاق والفضيلة والمعززة للقيم والمبادىء فالعلم في الصغر كالنقش في الحجر فأغلب ما نشاهده من اعتلالات نفسية واضطرابات سلوكية في نفوس هؤلاء الشباب يعود مردودها إلى الأسرة وإلى الأخطاء التربوية في مرحلة الطفولة والمثل يقول من شب على شيئ شاب عليه وهذا النموذج السيء من الشباب مجرد مخاض سيء لتربية فاشلة فأغلب هؤلاء الأطفال يظل طوال الوقت مهمشاً من والديه المنشغلين عنه على الدوام وليس أمامه سوى مشاهدة التلفزيون أو ممارسة ألعابه المفضلة وأغلبهم يتعرض للعنف الأسري ولسوء المعاملة من قبل والديه أو من قبل أفراد الأسرة في المراحل المبكرة من حياته فهو لا يسمع إلا الأوامر والنهر والزجر والصراخ والضرب على أتفه خطأ يرتكبه ولا يوجد في حياته من يضمه أو يلجأ إليه فالأبوان مشغولان عنه طوال الوقت الأب بعمله والأم في ادارة ورعاية شؤون الأسرة وليس هناك من يقف إلى جواره أو يفهمه فالجميع ينظر إليه على أنه مازال طفلاً ومن غير الضروري المبالاة به أو اعطائه جانباً من الاهتمام والاحترام والرعاية وشيئاً فشيئاً تتسع الهوة وتكبر المساحة بينه وبين والديه الحريصين على اطعامه وتوفير غذائه ودوائه وهندامه واللذين أغفلا أهم الجوانب التربوية التي يحتاجها الطفل في مراحل حياته المختلفة وهو توفير الجانب النفسي المبني على التواصل والتفاهم والثقة من أجل اشعار الطفل بالأمان والدفء الأسري الذي يحتاجه والذي ستتبلور عليه شخصيته وتتشكل فيما بعد. خلل نفسي و أضافت رشوان فالعنف الذي نراه في بعض أبنائنا نحو آبائهم هو مجرد خلل نفسي ناتج عن أخطاء تربوية ونفسية جسيمة سابقة ومنذ مرحلة الطفولة وهو ناتج عن ترسبات وضغوط نفسية مكبوتة بداخلهم منذ الطفولة المبكرة استطاعت وبمرور الوقت ان تطفو إلى السطح وان تظهر على شكل انفجار نفسي مشحون بدرجات متفاوتة من الغضب والذي يصل إلى حد القتل فالعنف الأسري نحو الآباء أو غيرهم من أفراد الأسرة يدل على نفسية غير سوية مضطربة مصابة باختلالات واعتلالات نفسية خطيرة، فالعنيف شخص مريض نفسياً غير قادر على ضبط زمام أمره أو السيطرة على تصرفه وسلوكه وهو بحاجة إلى العلاج فربما يدل العنف على الاصابة ببعض الأنواع من الأمراض الذهنية كمرض الفصام والوسواس القهري والشوزفرانيا فهذه الأمراض النفسية قد تظل موجودة بداخلنا ولكنها تظهر فجأة ومع أقل احتكاك بالآخرين. بحث ودراسة | الدكتورة لطيفة عبدالعزيز الحمد أستاذة العلوم الاجتماعية بجامعة الملك سعود علقت حول هذه الظاهرة بقولها قضايا العنف الأسري في مجتمعنا من اسوأ أنواع القضايا التي ابتلينا بها في الآونة الأخيرة فهناك مئات القضايا من هذا النوع المخجل والمحزن التي امتلأت بها سجلات هيئة منظمة حقوق الانسان أو الأجهزة الأمنية، فالوضع بحاجة إلى بحث ودراسة من أجل التواصل لحلول عاجلة تضمن توفير الحماية لهؤلاء المستضعفين فما من يوم يمر إلا وتطالعنا الصحف اليومية بضحية جديدة من ضحايا العنف الأسري والذي استهدف حياة الصغار والكبار دون استثناء فالعنف الاجتماعي داخل مجتمعنا غول قادم أصبح يجثم بكل قوته على كواهلنا معلناً لنا عن رصد أرواح المزيد والمزيد من الضحايا وأرى أن أسباب هذه الظاهرة المروعة التي جعلتنا في مصاف أكثر بلدان العالم عنفاً ووحشية ، ما حصل للطفلة غصون وأريج والطفل فارس وعبدالرحمن وغيرهم من ضحايا العنف الأسري خير دليل على ما أقول، ويعود إلى حالة الفوضى الاجتماعية التي نعيشها والتي أوجدت فئات متفسخة فكرياً وأخلاقياً ودينياً ومن مختلف الشرائح العمرية فالعنف الأسري لا يتعلق بفئة الشباب وحدهم بل يشمل كافة الفئات العمرية ولمختلف الجنسين فالكثير من الآباء يتعرضون للعنف الأسري من أبنائهم لدرجة تصل إلى حد القتل أو الضرب أو اساءة المعاملة ولعل المريب أن آخر الاحصائيات الاجتماعية تؤكد أن (50) حالة قتل لآباء لقوا حتفهم على يد أبنائهم خلال السنوات الخمس الماضية سواء بالحرق أو الطعن أو الخنق أو الضرب ودور رعاية المسنين تضم بين كواليسها عشرات الاباء والامهات من الذين تخلى عنهم أبناؤهم العاقين ممن تحجرت قلوبهم وتجردوا من أسمى مبادىء الرحمة والانسانية، أيضاً هناك عشرات الأطفال لقوا حتفهم قتلاً على يد آبائهم أو أشقائهم أيضاً ونجد أن المرأة في مجتمعنا قد نالت نصيباً وافراً من العنف الأسري والذي سجل أعلى معدلات ارتفاعه خلال هذه الفترة وهناك مئات القضايا والشكاوى مازالت مطروحة في أروقة المحاكم ولجان حقوق الإنسان لنساء تعرضن لأبشع انتهاكات حقوق الإنسان على يد الأب أو الزوج أو الشقيق!. أمهات قاتلات ! أيضاً نجد أن الأغلبية من الأمهات قد تحولن لقاتلات محترفات لأطفالهن ولأسباب تافهة لاتبرر مطلقاً حدوث أو ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة كرغبتهن في الانتقام من الزوج وذلك من خلال قتل أطفاله أو رغبتهن في التخلص من مسؤولية الأبناء بعد الطلاق أو من أجل ارضاء خاطر الزوج الجديد والذي لا يرغب في تبني أطفال غيره فنحن نعيش في حالة من الفوضى سواء مع أنفسنا أو مع أبنائنا أو مع مجتمعنا أو مع من حولنا نتيجة البعد عن الله. قال تعالى : ( نسوا الله فأنساهم أنفسهم) ، فانعدام الوازع الديني والأخلاقي والتربوي من المحيط الأسري أحدث في داخلنا الكثير من التخبط والتشوش والصراع فأصبحنا نسير على غير هدى لا نفرق بين غث وسمين أو حلال أو حرام أو صح أو خطأ فنحن نعيش من أجل يومنا فقط دون مبالاة بالآخرين فكل الأمور والألوان والأشكال متعادلة ومتشابهة في نظرنا بعد أن عجزنا عن فهم أنفسنا أو فهم من يحيطون بنا فالحضارة الحديثة واختلاط وتمازج الحضارات والشعوب والغزو الفضائي الذي أحاط بنا من كل حدب وصوب والذي أوليناه جل رعايتنا واهتمامنا بأكثر مما نهتم بأسرنا وأطفالنا أحدث نوعاً من التشويش والتخبط في محيطنا الأسري والاجتماعي ، ولعل الحل يكمن في احداث غربلة دينية وتربوية واجتماعية مع زيادة مساحة الوعي الاجتماعي حول مثل هذه المسائل المهمة لنصبح أكثر ايماناً والتزاماً وعمقاً في فهم أمور ديننا ودنيانا والله المستعان.