منذ نحو أسبوع و(أحد السودانيين) في (بر الصبية) شمال الكويت، يحاول إقناع (ناقته) بالعدول عن قرارها الإضراب عن الطعام والنياح، بسبب فقدان صغيرها المولود حديثاً!!. هذا (السوداني الرقيق) استنفد كل محاولاته مع (الناقة المكلومة)، مُطالبا إياها بالتوقف عن مظاهر (الحزن) التي مزقت قلبه هو (أيضاً)، وكل من أخبره بالقصة وقدم لمشاهدة هذه الناقة التي فاضت الأحزان بقلبها، فهي لم تفتأ عن الذهاب والإياب طوال الوقت وصولاً لمكان (رحيل جنينها) تشم رائحته، ثم تصدر (نحيباً) يقطع قلوب سامعيه من شدة الحزن..!. طبعاً حتى هذه اللحظة (والناقة) مضربة عن الطعام تماماً، فيما يبحث الجميع عن إمكانية الاستعانة (بمتخصصين نفسانيين) لمحاولة التدخل لمعالجة الوضع..؟!. كم تمنيت زيارة كل (ابن عاق) بوالدته إلى هذه الناقة وفقيدها، ليعرف كم هو (قلب الأم) في كل المخلوقات (حنون)، وكيف (يتفطر حزناً) لو أصاب من خرج من أحشائها مكروهاً.. فما بالنا نحن البشر والمسلمين (بأمهاتنا) التي أمرنا الله عز وجل، وأوصانا نبيه صلى الله عليه وسلم بها (خيرا)..!. لقد آلمني هذا الأسبوع اتصال (هاتفي) بأحد برامج (إذاعة الرياض)، من (إحدى الأمهات) وهي تشتكي (للمذيع وضيفه) جحود أبنائها، وعقوق (أحدهم) الذي يهينها ويضربها، عندما يعود للمنزل وهو في حالة غير طبيعية.. أي عصر نعيشه.. وأي عقوق هذا؟!. إن نماذج (الأمهات) اللاتي يتعرضنَّ (للعنف) و(الجحود) و(النكران) بيننا، والحكايات التي ترويها الألسن عن السب والشتم الذي يتعرضنَّ له، بعد كل هذا لعطاء والبذل الذي امتد طوال سنين عمر الابن العاق والجاحد،أصبحت ظاهرة مستهجنة (لا تُطاق)، مع كبر المجتمع وتعدد الحالات التي تنقلها وتفرزها لنا أيضاً (وسائل الإعلام) يوماً بعد آخر.!. مما لا يحتمل مزيداً من الصمت والتجاهل وكأننا (مجتمع المدينة الفاضلة)، ويستوجب على المختصين والمعالجين والمربين سرعة التدخل للحد من انتشار مثل هذه النماذج، وحتى لا تصبح أمراً طبيعياً، يستمرئ ويكثر فاعلوها..!. فلم نكن نسمع عن من يضرب أو يهدد (أمه) بالقتل إلا في (السنوات الأخيرة), إنه شيء مخجل وعار على جبين هؤلاء (الناكرين)، فأين الوفاء ؟ وأين الإنصاف ؟ وأين الإحسان بالوالدين الذي قرنه الله بعبادته..؟!. هؤلاء يتحججون بضيق العيش والضغوط النفسية والحياتية اليومية التي تجبرهم على مثل هذا الأمر..؟! والمساكين لا يعلمون أن (مفاتيح الرزق) والتوفيق وحل جميع ما أصابهم, تحت أقدام (أمهاتهم) وهم لا يدركون ذلك، فلو استبدلوا (عقوقهم) بنسمات من الحياة الرقيقة المليئة بالرحمة والبر بها والعطف عليها لتبدل حالهم..!!. أوليس في (الناقة المذكورة) ودمعتها على فراق صغيرها عبرة..؟! اللهم أجعلني (باراً.. بوالدتي). وعلى دروب الخير نلتقي.