الفنان الشعبي عبدالعزيز الهزاع أو كما قيل عنه «جماعة في رجل» هو فعلاً جماعة في رجل فالموهبة التي توفرت لديه هي موهبة نادرة استطاع أن يستثمرها في تقديم فن ممتع ومفيد عبر سنوات طويلة. منذ «أم حديجان» وحتى الآن والهزاع يقدم قصصاً اجتماعية هادفة تجمع بين الإضحاك والمغزى. كانت (أم حديجان) هي المادة الإذاعية الأكثر استحواذاً على المستمعين للإذاعة بعد الإفطار، وهي بمعيار هذا الزمن المادة الأكثر جذباً للإعلانات التجارية، ولكنها لم تكن واردة في ذلك الوقت. أريد أن أضم صوتي هنا لما نشرته المجلة الثقافية لجريدة الجزيرة عن هذا الفنان الذي يستحق فعلاً أكثر من مجرد حفل اعتزال. ما قدمه هذا الفنان هو بمثابة الفن الراقي والسجل الاجتماعي الذي يمكن من خلاله دراسة أحوال المجتمع ونوعية الحياة التي يعيشها وطبيعة المشكلات التي يواجهها. وإذا كان الأستاذ إبراهيم السبيل قد قام بعمل تطوعي وأصدر كتاباً عن هذا الفنان بعنوان «جماعة في رجل» فإن هذا التقدير الرائع غير كاف ولا يتفق مع ما قدمه الهزاع في ظل ظروف وإمكانات مختلفة عن الظروف المتاحة الآن للفنانين. كان عبدالعزيز الهزاع يعمل لوحده ولكنه كان ملح الإذاعة بما تقدمه (أم حديجان) من قفشات وتعليقات، وما تتعرض له من مواقف كانت تلامس قلوب المستمعين كونها نابعة من البيئة في محتواها ومفرداتها. حكايات اجتماعية يعرفها كافة أفراد الأسرة ويتفاعلون معها، وبعض المستمعين لا يعرفون أو لا يصدقون أن كل الأدوار في مسلسل (أم حديجان) يقوم بها شخص واحد. تلك الموهبة هي موهبة فريدة جداً على النطاق العالمي، ولم يتمكن أحد من الداخل أن ينافسه في هذا الميدان، واستمر هذا الفنان في مجاله الذي أبدع فيه والتزم بهذا الخط، وهذا سر من أسرار نجاحه فالنجاح الذي تحقق له لم يدفعه إلى الدخول إلى بحور لا يجيد السباحة فيها. ومن أسرار نجاحه أيضاً، وهذا قد يكون مخالفاً للمألوف انه لم يكن متفرغاً للفن فقد كان موظفاً حكومياً في وزارة المالية، ثم انتقل الى العمل في مجال التدريس، وعمل في الحرس الملكي، وفي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ثم الرئاسة العامة لرعاية الشباب. هذه الأعمال وفرت الفرصة للهزاع للتفاعل المباشر مع قضايا المجتمع والالتصاق بالواقع واستثمار ذلك في انتاجه الفني. وإذا أردت أن تتأكد من موهبة هذا الفنان وإبداعه فاستمع الى تمثيلية (بدوي في طيارة) التي سجلت قبل 48 عاماً، وحققت نجاحاً باهراً ولا تزال حتى الآن تحقق هذا النجاح بدليل أن الفنان الهزاع قدم في العام الماضي شكوى إلى وزارة الثقافة والإعلام من أجل حفظ حقوقه وإيقاف أحد الاستديوهات التي تبيع نسخاً من شريط (بدوي في طيارة) بدون إذن مسبق. إذن العبرة هي في استمرار النجاح وهذا لا يتحقق بدون موهبة أصيلة حقيقية وإخلاص لهذه الموهبة. وفي كل ميادين العمل فإن النجاح قد يتحقق ولكن التحدي يكمن في استمرار النجاح، وفي بعض الحالات يؤدي النجاح الى الفشل، وتلك قصة أخرى تستحق التوقف فيما بعد. [email protected]