تفاوتت آراء عدد من المتخصصين في القطاعات البنكية حول مفهوم "المسؤولية الاجتماعية"، واللبس الحاصل بين المفهوم الشمولي لها وبين العمل الخيري الاعتيادي كالتبرعات العينية ودعم الجمعيات الخيرية ورعاية الندوات والمؤتمرات. وشهد ملتقى المسؤولية الاجتماعية الثاني الذي نظم تحت عنوان "دور البنوك السعودية في المسؤولية الاجتماعية" في مقر جمعية الأطفال المعوقين أمس الأول، حضورا كبيرا من المهتمين في هذا المجال، حيث حملت كثيراً من الأسئلة والاستفسارات عن ماهية المسؤولية الاجتماعية كونه تخصصا جديدا نوعا ما على القطاع الخاص. وخلال الجلسة الأولى للقاء تحدث نائب محافظ مؤسسة النقد السعودي عبدالعزيز الفريح، عن واقع مشاركة البنوك في المسؤولية الاجتماعية، مؤكدا أن هناك توجها كبيرا من البنوك لدعم هذا التوجه، وأن بعض البنوك أنشأت إدارات مستقلة للمسؤولية الاجتماعية سعيا منها لتقديم دورها في المجتمع. وأوضح الفريح أن هناك لجنة مرتبطة بالمسؤولية الاجتماعية في المؤسسة وبدأت نشطة وتخضع لمعايير خاصة بها، وستستمر في عملها، مبينا أنه لا يوجد قصور في فهم المسؤولية بل هناك اختلاف في المفاهيم، حتى أن الناس مختلفة في تعريف المصطلح، وأنه من خلال اللجنة سنسعى لتوحيد المفهوم بين البنوك. فيما شهدت الجلسة الثانية للملتقى انتقادات من بعض الحضور لغياب الفهم الحقيقي للمسؤولية الاجتماعية، حيث أجمعوا على ضرورة أن تبرز البنوك جهودها في هذا المجال، خاصة تلك التي تنفق أموالا كبيرة على العمل الخيري. واستعرض طلعت حافظ رئيس لجنة التوعية المصرفي في البنوك السعودية، تاريخ وتوجهات البنوك في المسؤولية الاجتماعية، مؤكدا أن كثير من البنوك تنفق اموالا لخدمة المجتمع مثل دعم الأسر المنتجة، وعمل الدورات المختلفة للمرأة وللأسر الفقيرة وتعليمها بهدف إكسابها بعض المهن. من جهته أوضح الكتور عدنان بن عبدالله الشيحة عضو لجنة جائزة الأمير مقرن للمسؤولية الاجتماعية، إن المسؤولية الاجتماعية للشركات -كمفهوم عصري- أمر مستجد على المجتمع السعودي، حتى وإن كان له أصوله في الشرع الإسلامي في الحث على البر والتعاون من منطلق أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك. وبين الشيحة أن هذا التخصص وإذا كانت نشأته في المجتمعات الرأسمالية الغربية رغبة من الشركات في تحسين صورتها التسويقية وتعزيز ولاء عملائها وتطوير البيئة المحلية والحصول على الدعم والتسهيلات الحكومية، فإن الدافع في بيئة الأعمال السعودية هو نتيجة للتحديات والمشكلات الاجتماعية التي برزت وتفاقمت على الرغم من الإنفاق الحكومي السخي. وتابع الشيحة أنه بدا واضحا أن المؤسسات الخاصة التي تستحوذ على نصيب الأسد من هذا الإنفاق كان عليها إعادة بعض ما جنته من أرباح وعوائد ضخمة للمجتمع في هيئة مشاريع وبرامج تلبي احتياجاته وتسهم في معالجة مشكلاته، مشيرا إلى أهمية مساهمة القطاع الخاص بما فيها البنوك في تنمية المجتمعات المحلية، التي تواجه تغيرات اقتصادية وسياسية وسكانية وتقنية وثقافية كبيرة ومتسارعة. وأكد الشيحة على حقيقة ان مؤسسات القطاع الخاص تعتمد في أنشطتها على الدعم والرعاية والحماية الحكومية، وهذا يلزمها أخلاقيا واجتماعيا وحتى تجاريا في المساهمة في جهود التنمية المحلية، إلى جانب انه لا يوجد ضرائب على الأرباح في المملكة كما في الدول الأخرى ما يجعل المسؤولية الاجتماعية امرا لازما وضروريا وهو يأتي من باب المساهمة في إعادة توزيع الدخل عبر مشاريع تمنح الفرصة الوظيفية. وأضاف أنه في حالة البنوك فان استفادتها من الوفرة المالية والطفرات الاقتصادية عظيم جدا خاصة وان معظم الافراد لا يأخذون فوائد على ودائعهم البنكية، وربما يفسر ذلك حجم الأرباح العظيمة التي بلغت ما يقارب 37 مليار ريال.