أعظم أهرامات في نظري هو هرم الجيزة وهرم المكسيك وهرم بونزي.. ربما لم تسنح لك فرصة تسلق الأول، ولا رؤية الثاني، ولكنك سقطت غالباً من الثالث دون أن تراه. وبونزي الحقيقي ليس هرماً بل مهاجر أمريكي ابتكر في مطلع القرن العشرين طريقة احتيال هرمية تحقق أرباحاً طائلة.. وقد دخل تاريخ الاقتصاد بهذا الاسم وأصبحت طريقته المسماة "هرم بونزي" أو "سلسلة بونزي" تطلق على كل عملية احتيال تعتمد على أخذ الأموال من المستثمرين الجدد (قاع الهرم) لتوزيعها كأرباح على المستثمرين القُدم (أعلى الهرم). وطريقة الاحتيال التي ابتكرها تسير غالباً على النحو التالي: - يعرض عليك أحدهم المشاركة في مشروع تدفع فيه 50 ألف ريال مقابل استلام 10 آلاف ريال في الشهر (بحجة المتاجرة في العملات أو المعادن أو السيارات أو بطاقات سوا أو أي سلعة تمنحها غطاء رسميا). ويمنحك فعلا 10 آلاف ريال كل شهر حتى تطمئن فتحدث بذلك أشقاءك وأصدقاءك وأقرباءك فيثقون بك ويرون "بأم أعينهم" أن تأخذ فعلاً عائداً شهرياً منتظماً قدره 10 آلاف ريال في الشهر. وهكذا تغري خمسة أشخاص تعرفهم (وأحياناً عشرة وعشرين) فيتجمع لدى المحتال 250 ألف ريال (من الخمسة الذين أحضرتهم أنت) ويدفع لهم أيضاً أقساطاً مماثلة (حسب المثل المصري: من دقنه افتل له). وقبل أن تنتهي أموالكم لديه يكون قد استلم مثلها أضعافاً بفضل انضمام مشتركين جدد يقسمون لمن حولهم أن الموضوع موثوق وسليم (يؤكدون لهم بأنهم يستلمون أقساطهم بانتظام). وهكذا في حال أقنع كل مشترك جديد خمسة أشخاص آخرين (ولاحظ دائماً أننا سنعتمد على تضاعف الأعداد خمس مرات) يصبح مجموع المشتركين الجدد 125 شخصا... وهؤلاء ال125 (في حال دفع كل واحد منهم 50 ألف ريال) ينال المحتال 6,250,000 ريال دفعة واحدة. وكي يزداد عددهم أكثر يستمر في دفع الأقساط الشهرية للجميع فيكتسب سمعة حسنة ويسمع به جميع الناس (خصوصاً أن الأعضاء الأوائل استعادوا رؤوس أموالهم بالكامل.. وزيادة)! وهكذا تنضم إليه دفعة رابعة قوامها 625 مشتركاً يقدم كل منهم 50 ألف ريال فينال المحتال أكثر من 31 مليون ريال دفعة واحدة. وفي المرحلة الخامسة يتضاعف العدد خمس مرات فينضم 3125 مشتركاً جديداً يقدمون للمحتال أكثر من156 مليون ريال (غير الملايين التي أخذها سابقاً). ولأن الجميع مايزال يستلم أرباحه الشهرية (ويقسم بالله على أمانته) يصيب الطمع قطاعاً أكبر من الناس فيتضاعف عدد المشتركين في المرحلة السادسة إلى15625 مشتركاً يقدمون للمحتال 781 مليون ريال (غير الملايين التي أخذها سابقاً). غير أن تضاعف المشتركين المستمر، وهطول الأموال الذي لا يتوقف، يضعان المحتال في وضع حائر ومتخبط فيقرر عند لحظة معينة التوقف والاكتفاء والاختفاء نهائياً أو الهرب بالملايين التي جمعها خارج البلاد! وكي لا تكون أنت أحد الضحايا يجب أن تتنبه لثلاث خدع رئيسية: الأولى: أن احتيال بونزي قد يأتي بمسميات مختلفة مثل "مساهمات" و"مضاربات" و"تسويق شبكي" أو "تسويق هرمي" أو حتى Q-net... والثانية: أن السلعة هنا (غير مهمة) كونها قد تأتي تحت غطاء المتاجرة بالأجهزة أو البطاقات أو السيارات أو العملات أو حتى مضاربات الأسهم (وهذا ماكنت أعنيه حين قلت إنك سقطت من الهرم الثالث دون أن تراه). والثالثة: أن عمليات الاحتيال الهرمي تأتي غالباً من أفراد وشركات وهمية (غير مسجلة رسمياً) يتعاملون معك شفهياً ويمنحونك أرباحاً خيالية (لا تقدمها البنوك الكبيرة ولا الشركات المحترمة). وبما أن شركات توظيف الأموال ممنوعة قانوناً.. وبما ان عمليات الاحتيال ممنوعة شرعاً؛ تعد مشاركتك (مشاركة في الاحتيال)، وستطالب في النهاية بإعادة المبالغ التي أخذتها.. في حين يكون صاحبك مستمتعاً بحياته على ضفاف بحيرة جنيف! .. وأخيراً؛ أنصحك بفتح اليوتيوب ومشاهدة: "الاحتيال عبر التسويق الهرمي أو الشبكي".