ما هو المؤشر المتعلق بفرص أسواق الإنترنت في المملكة والإمارات الذي يتفوق على جميع البلدان المتقدمة والنامية؟ لتعرف الجواب، راقب أعداد مستخدمي الهواتف الذكية في المقاهي والمراكز التجارية، أو حتى في الزيارات العائلية، فقد بات لدى الجميع هواتف ذكية. وبالأرقام، فإن 74٪ من جميع الهواتف النقالة في المملكة والإمارات هي هواتف ذكية، وبذلك تتفوق هذه البلدان العربية على كوريا الجنوبية، والتي تأتي في المرتبة الثانية بنسبة انتشار 73٪، بالاضافة الى غيرها من أسواق الانترنت الناشئة مثل روسيا والبرازيل والتي لديها معدل انتشار يصل 36٪ و26٪ فقط. إن المنافسة الحادة بين دول مجلس التعاون الخليجي وكوريا الجنوبية في هذا الصدد تثير الاهتمام لأن التعداد السكاني والناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي تشبه تلك في كوريا الجنوبية. ولكن نقطة الاختلاف هي أن كوريا الجنوبية أنتجت شركات ألعاب وتطبيقات جوال تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وبدأت نتشر منتجات تلك الشركات في جميع أنحاء العالم. فما هي فرص شركات الانترنت المحلية والإقليمية في منطقتنا؟ خلدون طبازة ويقول خلدون طبازة مؤسس والعضو المنتدب لiMENA القابضة فقد سمح انتشار شبكات الجيل الثالث (G3) والرابع (G4)، بالإضافة إلى شبكات الواي فاي في الأماكن العامة لشركات الانترنت الناجحة والتي لديها استراتيجيات قوية أن تجتذب مستخدمي الهواتف النقالة أينما كانوا. فعلى سبيل المثال، تتلقى Hellofood، شركة طلبات الوجبات على الانترنت، ما يقارب 80٪ من طلباتها عبر الأجهزة المحمولة في المملكة، وأما OpenSooq، شركة الإعلانات المبوبة على الإنترنت، فتحصل على ما يقرب من 50٪ من عدد زوار موقعها عن طريق الموقع وتطبيق الهواتف النقالة الذي تم تحميله أكثر من 2.5 مليون مرة في أقل من 6 أشهر. كما إن بعض الإعلانات الأخيرة على OpenSooq تظهر مستخدم أخذ صورة لجمل في أطراف المملكة بهاتفه الذكي، وعرضه للبيع في بكل سهولة، ومالك قام بأخذ صور لشقته في الكويت وعرضه للإيجار على المواقع الإلكترونية. وهناك بعض نماذج الأعمال التجارية التي تعتمد بشكل حصري على تطبيقات الهوتف النقالة، بما في ذلك تطبيقات طلب سيارات الأجرة، والتراسل عبر الهواتف المحمولة وألعاب الهواتف النقالة. ولا تتيح الهواتف الذكية حرية تنفيذ إجراءات على الانترنت في أي مكان وزمان فقط، وبل توفر خدمات معينة لا تتوفر دائما على أجهزة الكمبيوتر، بما في ذلك خدمات تحديد المواقع، وخدمات الدفع الالكتروني من خلال شركات الاتصلات (للتغلب على تحديات المدفوعات عبر الإنترنت)، بالاضافة الى دمج خدمات الصوت، والصور، والفيديو. وفي نواح كثيرة، أتاحت الهواتف الذكية إمكانية وصول خدمات الإنترنت لمجموعة جديدة تماما من المستخدمين في الشرق الأوسط الذين لم يكونوا من مستخدمي أجهزة الكمبيوتر. وفي الواقع فإن المستخدمين في بعض الدول مثل العراق، حيث البنية التحتية للهواتف المحمولة تخطت الهواتف الارضية، بدأوا التعامل مع شبكة الانترنت لأول مرة من خلال هواتفهم الذكية وليس عن طريق أجهزة الكمبيوتر. ويضيف طبازة وحتى في أسواق الإنترنت الأكثر نضجا فان المستخدمين الجدد بما في ذلك المراهقين والمسنين يرون الهواتف والأجهزة الذكية كالطريقة الأساسية للاتصال بالإنترنت، مما يعارض وجهة النظر التقليدية أن المحمول هو مجرد قناة ثانوية في عيون المستخدمين. في بضع سنوات، إن لم يكن في وقت أقرب، قد تصبح الأجهزة الذكية القناة الاسساسية للاتصال بالانترنت لجميع المستخدمين. ولم تقتصر خدمات مستخدمي الانترنت على المواقع الإلكترونية الذكية فقط، وبل وامتدت أيضا لتشمل "الحكومات الذكية"، ومن المهم ذكر برنامج الحكومة الإلكترونية في الإمارات، والذي سرعان ما جعل الإمارات أول دولة في العالم لتقديم جميع الخدمات الحكومية على أجهزة الهاتف الذكي وفي وقت قياسي. ويرى طبازة أن من أبرز القطاعات المتأخرة في التركيرعلى استراتيجيات الهواتف الذكية في المنطقة هي وسائل الإعلام التقليدية، فلم نر تطبيق قوي يعزز قوة الهواتف الذكية لصالح محطات التلفزيون أو الراديو في المنطقة، وأما المعلنين فلم يكتشفوا فوائد التفاعل مع المستخدمين الذين يشاهدون الإعلانات عبر التلفزيون أو الراديو في حين استخدام أجهزتهم الذكية أيضا، بالإضافة إلى ذلك، وسائل الإعلام المطبوعة التي أنتجت إصدارات إلكترونية متواضعة لم تستثمر إلا القليل في إنتاج مواقع المحمول البسيطة والتطبيقات، في حين أن إعلانات شاشة المحمول لم يتم الاستفادة منها بشكل كامل لجني عوائد مجدية للمعلنين. ويختم طبازة ويقول القول المأثور في قطاع شركات الانترنت أن "المحمول هو المستقبل، وسيبقى للأبد" أصبح قديم الآن، فالمستقبل هنا وحدث ذلك بين عشية وضحاها، مما فاجأ وسائل الإعلام والشركات، وليس هناك عودة إلى الوراء.