إذا كنت من الذين يهوون قراءة صحف الإعلانات المبوبة ورسم دوائر على الورق المتشبع بالحبر والمصنوع من الإشجار الميتة فلا بد أنك قد لاحظت أن عدد إعلانات السيارات والعقارات المبوبة في الصحف قد قل بشكل نسبي وملحوظ في السنوات الماضية القليلة وبالأخص في الأشهر الاثني عشر السابقة. حيث انخفضت إيرادات صحف الإعلانات المبوبة في الولاياتالمتحدةالأمريكية من 19,6 مليار دولار لأقل من 6 مليارات دولار بين عامي 2000 و2010. حالياً، لا تمتلك معظم المدن في الولاياتالمتحدةالأمريكية صحيفة إعلانات مبوبة مطبوعة على الإطلاق. وفي إجابة عن سؤال أين اختفت الإعلانات المبوبة؟! يقول خلدون طبازة مؤسس والعضو المنتدب ل iMENA القابضة، وهي شركة استثمارات ومشغل أعمال تجارية الكترونية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا أنه لا داعي للبحث بعيداً، كل ما عليك فعله هو إحضار جهاز الكمبيوتر الخاص بك أو أي جهاز ذكي آخر وقم بعملية بحث سريعة أو قم بتحميل تطبيق إعلانات مبوبة وستجد جميع ما فاتك وأكثر. أما أوروبا فيقول طبازة انها لم تنتظر طويلاً لتحذو حذو الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ قبل بضع سنوات، قررت أشهر صحيفة إعلانات مبوبة في فرنسا - والتي كانت مصدر الإلهام وراء العديد من المطبوعات المبوبة في الشرق الاوسط- أن تتوقف عن الطباعة، وبينما لم نشهد نحن في منطقة الشرق الأوسط إغلاق أي من صحف الإعلانات المبوبة الرائدة، ولكن من السهل التنبؤ بأن هذا سيحصل في الخمس سنوات القادمة. إذا كانت لديك أي خبرة في مجال الإعلانات المبوبة المطبوعة في المنطقة، ستكون حتماً قد لاحظت أن إيراداتهم من الإعلانات المبوبة قد توقفت عن النمو قبل سنتين أو ثلاث وأن معظم الصحف شهدت 20%إلى 30% انخفاض في الإيرادات ونسبة الإعلانات في العام الماضي، ويبدو أن هذا العام أيضاً يتنبأ بنفس الحال! يقول طبازة قد يبدو هذا الخبر سيئاً للناشرين الذين استثمروا وبنوا العديد من الآمال في مجال طباعة الإعلانات المبوبة ولكنه من ناحية أخرى كان بمثابة فوز حقيقي ونجاح للمستهلكين والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم وشركات الإعلانات المبوبة الإلكترونية المبتدئة إلى جانب مستثمريها، وعمل هذا التحول على تحسين تجربة المستهلك والشركات خلال عملية البيع والشراء مما خلق المليارات من الدولارات لمؤسسي شركات الإعلانات المبوبة المبتدئة ومستثمريها في جميع أنحاء العالم، والتي عوضت بشكل كبير عن القيمة المفقودة في طباعة الإعلانات المبوبة. ومع أن معظم شركات الإعلانات المبوبة قد بدأت بتقديم خدمات منخفضة التكاليف أو مجانية أحياناً إلا أنها استطاعت أن تثبت قدرتها العالية في الوصول لأكبر عدد من المستخدمين مقارنة بالإعلانات المبوبة المطبوعة، ولا نبالغ إن قلنا ان أكثر من نصف مستخدمي الإنترنت والبالغ عددهم: 135 مليونا في العالم العربي لا يستعملون صحف الإعلانات المبوبة المطبوعة إلا نادراً. فمن منظور البائع أو مزود الخدمة؛ تتيح الإعلانات المبوبة الإلكترونية للمستخدم فرصة الحصول على النتائج الفورية عن طريق نشر الإعلانات المجانية أو مقابل رسوم رمزية دون الحاجة إلى مغادرة منازلهم ودون الحاجة لإنتظار تاريخ طباعة الصحيفة الجديدة، فإن كنت ترغب في بيع سيارتك أو منزلك، فليس عليك إلا إحضار هاتف ذكي واتخاذ بعض الصور ثم تعبئة النموذج الإلكتروني الخاص، وبعدها بدقائق سيكون الإعلان الخاص بك جاهزاً على الإنترنت. أما من منظور المستخدم، فقراءة صحف الإعلانات المبوبة المطبوعة وحفظ الإعلانات المهمة وتدوين أرقام الهواتف وانتظار طبعة الأسبوع المقبل لتصفح خيارات جديدة هي عملية تستغرق وقتاً طويلاً وتسبب الملل. يقول طبازة تم استبدال هذه العملية بعملية بحث إلكترونية سهلة متطورة، والتي يمكن من خلالها تصفح السيارات حسب العلامة التجارية والسنة ونوع الوقود والسعر وتمّكن المتصفح من التواصل مع البائع عن طريق البريد الإلكتروني أو الهاتف، بالإضافة إلى اختيار تنبيهات معينة تساعد المتصفح في حال عدم توفر ما يهتم به في الوقت الحالي وتنبيهه عند توفرها. وينبغي التنويه هنا إلى أن هذه الخدمات تتتوافر أيضاً لبنود العقارات والوظائف والإلكترونيات والخدمات، وغيرها. ويضيف طبازة لفهم التحول الذي حدث في السنوات القلية الماضية في مجال الإعلانات المطبوعة والمبوبة، عليك أن تدرك أن 25% من مستخدمي الإنترنت في العالم العربي أصبحوا يستعينون بالإعلانات المبوبة الإلكترونية، وبذلك نستخلص النتيجة النهائية التي تشير إلى أن متابعي مواقع الإعلانات المبوبة الإلكترونية قد شكلوا قرابة الأكثر من 35 مليون مستخدم شهرياً في منتصف عام 2014، تشمل هذه النسبة الاستخدامات المتفاوتة اليومية والأسبوعية وغيرها والتي لا تشمل جمهور الإعلانات المبوبة المطبوعة فقط،بل جميع متابعي وسائل الإعلام المطبوعة في العالم العربي سواء كانت يومية أو أسبوعية أو شهرية. ويشير طبازة إلى أن عدد متصفحي أحد مواقع الإعلانات الموببة في المملكة يتراوح ما بين 250 و400 ألف مستخدم يومياً، ويعتمد هذا العدد بالطبع على أيام الأسبوع، وهذا بالطبع يفوق العدد الذي تطبعه أكبر صحيفة إعلانات مبوبة مطبوعة في أفضل يوم لها. أما من ناحية الإعلانات وكميتها، فعادة ما يكون هنالك عشرات الآلاف من الإعلانات الجديدة على مواقع الإعلانات المبوبة الإلكترونية في كل يوم، أما في الصحف المطبوعة هنالك حد أقصى لعدد الإعلانات التي لا تتجاوز عدة مئاتفي كل طبعة. وأصبحت للإعلانات المبوبة الإلكترونية شعبية جداً في العالم العربي حتى أن الكثير من مواقع الإعلانات المبوبة الإلكترونية أصبحت في بعض الدول أكثر شعبية من موقع الفيسبوك. ومنها على سبيل المثال لا الحصر السوق المفتوح أو OpenSooq.com والذي يعمل في كل من المملكة والكويت والأردن وهو موقع بسيط وسهل الاستخدام وله تطبيقات ناحجة وخاصة بنظام ال ios والآندرويد. وأما بالنسبة للبلدان التي تتواجد فيها نسبة كبيرة من العمالة الوافدة كالإمارات وقطر وعمان؛ نجح موقع الإعلانات المبوبة باللغة الانجليزية "دوبيزل" في التركيز على إعلانات الشركات التجارية التي تختص في مجال العقارات والوظائف وقام بتقديم وسائل البحث المتقدمة. وانضم الى "السوق المفتوح" و"دوبيزل"مواقع أخرى متعددة تركز على قطاعات محددة، مثل موقع Propertyfinder الذي يركز على العقارات في الإمارات وموقع "Haraj"وهو موقع متخصص في مجال الإعلانات المبوبة الخاصة بالسيارات في المملكة. ويضيف طبازة أما على الصعيد العالمي، فشركات الإعلانات المبوبة الإلكترونية تعتبر مشروع عمل محليا أو إقليميا، حيث لا تمتلك قيمة كبيرة خارج منطقتها الجغرافية. فهذا القطاع قيد النمو السريع مؤخراً وهذا هو الحال تماماً في منطقة الشرق الأوسط، حيث أن أكبر الشركات في هذه الفئة هي شركات محلية ومبتدئة ولديها إمكانات نمو هائلة وتقدّر قيمتها الآن بعشرات الملايين من الدولارات.