تنسرب العبارات الانيقة ، وتكتسي الكلمات بلون الشفق الشفيف ، وتنداح في عفوية وببساطة دافئة من كتاب (شفق) للدكتور صلاح عبدالله العرابي الذي أنجز 3 دواوين شعرية (تحت الطبع) ، وعلى رغم أن المؤلف يعتمد تكنيك اسلوب القصة القصيرة في التناول ، أدرك باكراً أن هذا الأسلوب هو الأنسب لتطلع القارئ اللاهث وراء الأقصوصة والمختصرات لا المطولات التي لا وقت لها في أجندة القارئ في عصر الانترنت ، بيد أن التعبير القصصي لدى المؤلف ممزوج بالأسلوب الرمزي لكنه لا ينفك عن الواقع على الرغم من الدخول في مساحات شاسعة من الخيال ، وهنا تجد النفس صفاءها من خلال التأمل المفضي إلى انتاج صيغ محكمة البناء المطرزة برائحة الورد الذكية العبقة التي تلامس الأفئدة المشرئبة إلى توق النبل الإنساني من خلال دفق المشاعر الغائصة في أعماق الذات التي تحاول أن تعرف أكثر من خلال الافصاح عن العواطف المدفونة في قاع النفس البشرية. إن معالجة الاحداث بأسلوب القصة القصيرة جداً ، واختزال الكلمات إلى أقصى درجة من السبك والتركيز ، يتطلب مهارة استثنائية نجح المؤلف في الامساك بتلابيبها من خلال القصص المبثوثة في ثنايا (شفق) حيث الدفء عند مصب المغيب ، والترف في زمن الألوان ، وتجاعيد الحياة الذليلة والتأمل في أوراق الصبار ، والظل ورائحة البرتقال ، وترانيم على خاصرة الماء ، والحصار بين أزقة الظل ، والافاقة من زوايا الصمت ، والفراغ وألوان الطيف ، والناي الأخرس وانسجة الكفن ، والنوم على أرصفة الملح ، والوهج وشرفة الذهول ، والحوار في ابجدية النبض ، والاختباء من ركض المستحيل ، والعزف على شامة الاحلام ، والهمس وامتداد الجنون ، والحصار ورائحة العشب ، والمساء في عيون الصيف ، والسقوط في احضان السراب ، وفرح الحقول البعيدة والركض في الأجفان الناعسة ، والظمأ والبرد الجائع ، وأنشودة الظل والتراب والصبر في ازهار اليقين ، والقنديل ووله البنفسج ، والسكون وأهداب الشجر ، والتنهد في الحوار الطويل ، وثرثرة فوق صمت البكاء ، واللقاء والهواء الضرير ، والضوء وحبات المطر ، والسكون ونبض الخريف ، والجهل والعواء البعيد ، والشوك وهدير الليل ، والجدب والصمت المنفرد ، والفرح ورائحة الجليد ، والذكرى وتجاعيد الآلم ، والومض ودفء الصهيل ، والباسقة والعرس الأخضر ، والذهول في عيون الضجر ، والحقيقة على جدار الفرح والصدى ولحن الناي ، والتمرد من حدود الممكن ، والقناع وابجدية العبث ، والسواحل ورهف القصيدة.