تعبت وأنا أحمل مسودات كتابي (من عينيك أبتكر غدي) فأدخل مطبعة وأخرج من أخرى فلا أجد إلا أسعاراً مرتفعة تزيد عن الثلاثين الفاً طباعة واخراجاً. وأعود إلى التفكير في دخل المبيعات والذي تقاسمته المطابع وشركات التوزيع فأصبح كامل الدخل من المبيعات يذهب دون التمكن من تغطيته لأية مصاريف على تجهيز الكتاب وطباعته وتسويقه وهي المصاريف التي يجد فيها المؤلف نفسه مضطراً لتحملها دون نقاش. وأمام كل هذا لا يجد الانسان نفسه إلا مكرهاً على نسيان فكرة الطباعة لأي كتاب ما دامت الخسارة مؤكدة!!. وكانت من زمن تقوم وزارة الثقافة والاعلام بشراء كمية من أي إصدار سعودي وبسعر تشجيعي بقيمة خمسين ريالاً للنسخة الواحدة فلو قامت الوزارة بشراء الف نسخة فقط فان القيمة كافية لتغطية أي مصاريف بل وتحقيق جزء من الربح يحمد الكاتب عليها الله سبحانه وتعالى ..لكن يبدو أن هذا البند تم إلغاؤه أو انحساره بحيث لم يعد قادراً على استمرار تشجيع المؤلفات السعودية!!. ولهذه الأسباب فان معظم الذين يتطلعون إلى طباعة كتبهم وتسويقها قد عدلوا عن هذه الفكرة وأدخلوا مسودات كتبهم في الأدراج لعل بعد موتهم تنخفض الأسعار في المطابع..أو يعود بند دعم المؤلفات السعودية ليؤدي دوره في التشجيع والمؤازرة. ولم يبق هناك إلا أصحاب الأرصدة في البنوك فهم وحدهم القادرون على تحمل الخسائر والدفع الكاش مهما كانت الظروف والحسابات.. شيء واحد استفدناه من أزمة طباعة الكتب..وهو الحيلولة دون فتح مجال الطباعة لكل من هب ودب وتحويل طباعة الكتب وتسويقها إلى استثمار يزيد من أرقام الأرصدة في البنوك!!. ولعل البعض يتساءلون عن دور الأندية الأدبية والثقافية في هذا الجانب وهي التي قامت ولم تزل بطباعة وتسويق بعض الكتب ..ولكن على طريقة تقديم الكتاب بأسلوب متقشف وطباعة متواضعة ..كما أن بعض الأندية الأدبية اقتصرت طباعتها لكتب شريحة محدودة من المؤلفين دون غيرهم. ويبدو أننا في زمن لا يعترف بالمبادرات في تشجيع طباعة المؤلفات السعودية لدعم المكتبة و تأكيد دور الكتاب في التثقيف والمعرفة فلم نسمع عن قيام بعض الموسرين ممن أنعم الله سبحانه وتعالى عليهم بالمال الوفير في تبني فكرة تشجيع طباعة الكتب..ولم نر حتى مطبعة واحدة تعلن عن تنزيلات في قيمة طباعة المؤلفات السعودية من باب الدعم والمؤازرة.. ولم يبق أمامنا سوى القبول بانحسار طباعة المؤلفات التي تحتاجها المكتبة لتعزيز الحركة الثقافية ..وتشجيع المؤلفين وحثهم على طباعة كتبهم و.. سامحونا..!!. آخر المشوار قال الشاعر: كيفِ مِنْ رفة هُدبٍ استحال الجدبُ كوثر كيف من لفتة ظبي كل ما في الكونِ أزهر