قبل أن تحتضن أناملي القلم لكتابة مقال هذا الأسبوع كنت قد استخرجت من مكتبتي المتواضعة الجزء الأول من مختارات البارودي وهو إصدار من مشروع المكتبة الجامعة اختيار وتنفيذ: إبراهيم أمين فودة فتذكرت لحظتها قصة هذا الإصدار الذي وصل إلى مكتبتي قبل أكثر من عقدين من الزمن يوم كان الأستاذ / إبراهيم أمين فودة رحمه الله رئيسا لنادي مكة الثقافي. وكنت ألتقي به بين الفينة والأخرى سواء كان ذلك بالنادي حينما تقام الأمسيات او بالأمسية الأسبوعية التي كان رحمه الله يقيمها بداره بحي العزيزية . وحرصي على حضور تلك الأمسيات كان بهدف تنمية قدراتي الثقافية الأدبية اذ كنت حينها في بداية مشواري الصحفي ولم ألتحق بعد بجريدة الندوة لكن الرغبة في الحصول على مخزون ثقافي قبل التحاقي بالصحافة جعلني أحرص على لقاء الأستاذ / إبراهيم فودة رحمه الله خاصة وأنني وجدت كل عون ومساعدة من الأستاذ / عبدالكريم عبدالله نيازي رحمه الله الذي لايمكنني إغفال دوره في دعمي ومساعدتي في بداياتي الصحفية الأولى . وبعد دقائق من ذكريات مضت عليها سنوات أوقفت قلمي أمام الورق حائرا ..... تائها بين ذكريات جميلة مضت ووقفات سلبية بدت وسألت ماذا عساني أن أكتب ؟. وهل سيصدق القلم فيما أتناوله ؟. وهل سترضي كلماتي أولئك المتربعين على المكاتب ؟ أم أنني سأنساق نحو رغباتهم وأسعى لمدحهم بكلمات لايستحقونها حتى أنال رضاهم ؟. فضلت الابتعاد عن كل ذلك والحديث عن الأستاذ / إبراهيم أمين فودة رحمه الله العلم الذي استطاع أن يحفر اسمه بنتاج أدبي قوي في تاريخ الأدب السعودي لكنه لم يجد بعد رحيله من يسعى للعمل على إعادة طباعة مؤلفاته وإصداراته مثله في ذلك مثل الكثير من رجالات الرعيل الأول سواء كانوا من الأدباء والمثقفين من أمثال حمزة شحاتة وحسين سرحان وطاهر زمخشري وعبدالله بن سليمان العويّد مؤسس إذاعة طامي وسلمان الصفواني السعودي الذي رأس تحرير صحيفة (المعارف) العراقية وعبدالله العلي الصانع وصالح السليمان العمري اللذين أصدرا جريدة (القصيم) أو حتى عبدالله بن سليمان المزروع أشهر مستورد للمطبوعات الصحفية في مكةالمكرمة والذي يقال إنه أول من أوجد وكالة لتوزيع الصحف المصرية بمكةالمكرمة وغيرهم كثر ممن صنعوا حضارتنا الأدبية والثقافية ومهدوا الطريق لنا وبين هؤلاء وأولئك نسأل أين نحن اليوم؟ وماذا عسانا سنقدم لأجيالنا القادمة من أعمال تشفع لتاريخنا؟ . إننا حولنا إصدارات الرعيل الأول إلى داخل الأرشيف وأحكمنا عليها الإغلاق فلم تعد تجد من ينفض عنها الغبار لإعادة طباعتها مثلها في ذلك مثل الكثير من الأعمال والمهن التي تركها الآباء والأجداد ولم نسع للاستفادة منها أو حتى الحفاظ عليها فأخذت تندثر الواحدة تلو الأخرى لنخسر مهناً كان من الممكن أن تعمل على زيادة دخلنا المادي لو أننا حافظنا عليها . قال الشاعر : هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم