من الظواهر الرائعة بل والمفيدة في عالم المعرفة اليوم هي انتشار ظاهرة الموسوعات لكل أنواع العلوم المختلفة والمتنوعة ولعل من أهم ما ظهر حديثا هو موسوعة مكةالمكرمة والمدينة المنورة فهذا العمل الجليل سيكتب للقائمين عليه بأحرف من نور وقد أخرجوا حتى الآن مجلدين لحرف الألف بلجنة علمية مرموقة واستشاريين معروفين وباحثين مبدعين ومشرفين جادين تقودهم مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي التي أخذت على عاتقها إخراج هذا العمل الجبار في عالم يموج ببحر من الاستكتابات الورقية وبوفرة المعلومات المتناثرة هنا وهناك والتي يصعب التقاطها لتنوعها الفكري ومشربها الديني وطيفها الثقافي وتأتي هذه الموسوعة لتجمع كل ما قيل وكتب عن المدينتين المقدستين طوال الحقب الزمنية الماضية وباختصارات مفيدة وفوائد علمية وفرائد متنوعة وعلوم منتقاة وأفكار جيدة وصور بهية وجداول منسقة تستنطق الواقع فالحرف والكلمة والصورة والمبنى والمعنى كلها تزاحمت استنطاقا في هذه الموسوعة التي تحكي قصة الخلود وبداية الحياة وتطور المجتمعات وظهور نور الإيمان ورسول الأمة واشراقات النبوة ووهج الحضارة وتبادل المنافع وطلب العلم ومدارسة العلماء ونشر الثقافة العالمية وحرية العبادة ومساواة الحقوق وواجبات العطاء ونبراس الفكر والأدب والعلم فمن هنا كانت المسيرة ومن هنا بدأت البداية وستنتهي النهاية. فالمجلد الأول صدر في عام 1428ه / 2007م بمجلد ضخم وغلاف جميل جاء في أحد أطرافه العبارة التالية ( كتب بالخط المكي الذي كان سائدا في الحجاز ودوّن به القرآن الكريم في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء الراشدين , ويخلو الخط المكي من الاعجام والتشكيل , وينعدم فيه النقط وهو خط فيه تعويج إلى يمنة اليد وأعلى الأصابع , وفي شكله انضجاع يسير , أما الرقعة التي كان يكتب عليها في صدر الإسلام فكانت من الرقوق والجلود التي تدبغ في رباع بني جمح في مسفلة مكةالمكرمة ). ويقع المجلد الأول في 655 صفحة من المقاس الكبير , أما المجلد الثاني فصدر في 1429ه / 2008 م في 685 صفحة ومواده على صفحاته في عامودين منسقين كعادة الكثير من الموسوعات العالمية تتخللها بعض الصور وسيتواصل تباعا إصدار بقية المجلدات التي لا نعرف كم يصل عددها ولا صفحاتها الإجمالية بشكلها النهائي . ونحب أن نؤكد أن هذه أول موسوعة نوعية متخصصة بتراث وحضارة المدينتين المقدستين ( مكةالمكرمة والمدينة المنورة ) إذ بظهورها كاملة ستساهم في تحقيق جملة من الأهداف النبيلة ولعل أهمها حفظ تراث ( مكةالمكرمة والمدينة المنورة ) الحضاري وتوثيقه والتعريف بهما من جميع الجوانب المتنوعة والمختلفة بجانب توفير مرجع أساس لطلاب العلم والفكر والأدب من الباحثين والدارسين والمتخصصين . فالشكر كل الشكر لمعالي الشيخ احمد زكي يماني الذي ترجم حبه بإخراج هذه الموسوعة المكية المدنية فجهز وأنفق وأخرج عملا يخلده التاريخ بعد صبر وتخطيط وإدارة وأموال وفريق متكامل , وعمله هذا فيه دعوة صادقة للمحبين والمنفقين لخدمة المدينتين المقدستين كل قدر استطاعته فهل هم فاعلون ؟ نتمنى ذلك !!!! .