استوقفني قرار المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي في دورته المنعقدة بمكة المكرمة في المدة من 21-24/7/1436ه بشأن أخذ المطلقة ما تفرضه لها القوانين الوضعية عند الطلاق من حقوق ومطالبتها بها؛ حيث قرر بأنّه لا يجوز لأيٍّ من الزوجين المسلمين عند الطلاق المطالبة بحقوق مالية غير مترتبة على الطلاق إلاّ بما قررته الشريعة الإسلامية. واللافت أنّه قرن قراره بتوصية بعقد المجمع ندوة متخصصة لدراسة الحقوق المالية لكل من الزوجين المسلمين عند الطلاق، وكان الأحرى أن تعقد الندوة قبل اتّخاذ هذا القرار، لأنّه جدّت أمور في الحياة تلتزم الاجتهاد فيها، وما تضمنته بعض مدوّنات الأحوال الشخصية العربية من حقوق مالية للمطلّقة لا تخرج عن إطار الشريعة الإسلامية، من ذلك ما نصّت عليه مجلة الأحوال التونسية من إلزام الطليق بدفع نفقة الجراية العُمرية لمطلقته غير العاملة للضرر الواقع عليها، والمادة (33) المعدّلة من اللائحة القديمة لقانون الأحوال الشخصية المصري لتنص لائحة المأذونين الجديدة الصادرة في 15/8/2000م بقرار وزير العدل رقم (1727) لسنة 2000م على أن: «يبصر الزوجان، أو من ينوب عنهما بما يجوز لهما الاتفاق عليه في عقد الزواج من شروط خاصة، ومنها على سبيل المثال: «د- الاتفاق على رصد مبلغ مقطوع أو راتب دوري يدفعه الزوج لزوجته إذا طلقها بغير رضاها». والمادة (37) من قانون الأسرة الجزائري التي تنص على: «لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر. غير أنّه يجوز للزوجين أن يتّفقا في عقد الزواج، أو في عقد رسمي لاحق، حول الأموال المشتركة بينهما، التي يكتسبانها خلال الحياة الزوجية، وتحديد النسب التي تؤول إلى كل واحد منهما». إنّ ما جاء في هذه القوانين هو عين الرضا، فهي تمتثل لقوله تعالى: (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، والتسريح بإحسان يكون بحفظ كرامة المطلّقة وحفظ حقوقها، وحماية عرضها بتأمين ما يضمن لها حياة كريمة، فقد يكون الزوج هو الذي منعها من إكمال تعليمها، ومن العمل، أو آثرت التفرّغ لخدمته ورعاية أولادها، ونجد القانون التونسي يُسقط عن المطلّقة حق نفقة الجراية لزواجها، أو حال توفر لديها عمل. ثم أليس من حق المطلّقة أن تسترجع أموالها بأرباحها إن شاركت زوجها في شركات أو ممتلكات، مسجلة باسمه فقط؟ فأين مخالفة هذه القوانين للشريعة الإسلامية؟ أرجو من المجمع الفقهي النظر مرة أخرى في هذا القرار، فإعطاء الزوج حق منع زوجته من الدراسة، والعمل باسم الشرع في زمن أصبحت الدراسة والعمل ضرورة معيشية للمرأة لتخلّي كثير من الآباء والإخوة عن بناتهم وأخواتهم المطلقات، أوجد مطلقات بلا مأوى، ولا مصدر رزق، فهل يتسوّلن ليعشن، أو يتعرضنّ إلى ذل زوجات آبائهنّ أو إخوانهنّ إن التزموا بهنّ؟ [email protected]