أكد عدد من المختصين أن تعقيدات الأنظمة العربية فيما يتعلق بالتبادل التجاري والبيروقراطية التي تنتهجها الدول العربية فيما بينها مقارنة مع تعاملاتها التجارية مع الدول الأوربية ساهم بشكل فعال ومستمر بضعف التبادل التجاري فيما بينها لافتين أن حجم التبادل التجاري لا تتجاوز 10% من حجم التجارة العربية مع الخارج، مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي التي تصل لنحو 70 % في حين السلع غير النفطية بالنسبة للتجارة العالمية تبلغ فقط 1 في المائة، مطالبين بتطوير أنظمة الموانئ وتحسين خطوط الملاحة البينية ووضع إجراءات جديد للتخليص الجمركى بعيده عن التعقيدات بالإضافة إلى اعتماد معايير الضريبة الموحدة. وأوضح ل»المدينة» الفضل بن سعد البوعينين المحلل الاقتصادي أن التعقيدات الجمركية والأنظمة من أهم معوقات التجارة البينية بين الدول العربية؛ إضافة إلى الانعكاسات السياسية التي تؤثر سلبًا في القرارات التجارية والاقتصادية؛ ولا يمكن تجاوز تلك العقبات إلا من خلال التشريعات الداعمة لتدفق البضائع والسلع؛ وفتح الأسواق؛ والمضي في إنشاء السوق العربية المشتركة التي ستحطم جميع معوقات التجارة البينية في الدول العربية. فيما أكد الدكتور سلطان بن محمد الثعلي رئيس مركز خبراء الاقتصاد أن رفع التبادل التجاري بين البلدان العربية مهم لازدهار اقتصادنا العربي ولكن الوضع الراهن لم يصل للتطلعات المأمولة وهذا ناتج عن ضعف الإمكانات في أكثر الموانئ العربية سواء خدمات المناولة أو النقل والتخزين وكذلك ضعف خطوط الملاحة بين الدول مثل ضعف الخط الملاحي بين بلدان المغرب العربي ودول الخليج، ويؤكد الدكتور سلطان: على أنه إذا أردنا أن نطور ونرتقي بالتبادل التجاري العربي وفق المأمول فيجب علينا أن نطور الموانئ وخطوط الملاحة العربي وفق جودة مثيلاتها الأوربية والعالمية الأخرى. ويقول المحلل الاقتصادي الكويتي حجاج بو خضورانة: «بالرغم من إبرام الدول العربية اتفاقيات للتجارة الحرة وتيسير التبادل، إلا أن التجارة العربية البينية ضعيفة ومخيبة للآمال، حيث إنها لم تتعد 10%، فى وقت نفسه تتنامى المبادلات التجارية مع بقية دول العالم الأخرى». ويتطرق بو خضور بعد ذلك إلى أهم المعوقات التى تواجه تنمية المبادلات التجارية البينية معوقات بيروقراطية وتعقيدات جمركية وضريبية تشكل عائقًا أمام جذب الاستثمارات العربية وغياب الشفافية ونظام يوفر معلومات التبادل التجارى وبطء تنفيذ برامج المشروعات التجارية المشتركة كالسوق الحرة والمنطقة التجارية، وعدم وجود نظام ومعايير ضريبية موحدة، وصعوبات تواجه المستثمرين والتجار، بسبب القيود غير الجمركية كالقيود الإدارية في إعادة التثمين الجمركي، ومشكلات النقل بالعبور، وإجراءات التخليص الجمركى وتكاليفها. * معوقات كمية وفنية الخاصة بالاشتراطات، أى تعددية المواصفات لنفس ومعوقات النقدية والمالية، كقيود على إجراءات التحويل وتعدد أسعار الصرف ومخصصات النقد الأجنبى، وتشدد فى إجراءات الائتمان. والمغالاة فى طلب الاستثناءات، حيث شملت الاستثناءات التى طلبتها الدول مختلف أنواع القيود الجمركية وغير الجمركية والرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل وغيرها من المعوقات الأخرى. من جانبه يتطرق الدكتور راشد أبا نمي رئيس مركز السياسات البتروليه والتوقعات الإستراتيجيه» إلى أسباب ذلك الضعف بقوله: عندما نجد ن حجم التجارة البينية بين الدول العربية منذ بداية هذا القرن أي منذ عام 2000م يبلغ فقط نحو 70 مليار دولار سنويًا، أي بنسبة لا تصل حتى إلى 10% من حجم التجارة العربية مع الخارج، مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي التي تصل نسبة التجارة البينية بينها لنحو 70 في المائة، كما أن التجارة العربية من السلع غير النفطية بالنسبة للتجارة العالمية تبلغ فقط 1 في المائة، لابد أن نقف عند هذه الأرقام المخيبة للآمال والطموحات العربية من جامعتها منذ نشأتها عام 1945م لتحقيق التكامل والاندماج العربي، ونتساءل عن الأسباب التي جعلتها بهذا المستوى المتدني يتبين أن ذلك يرجع إلى أسباب ومعوقات تقليديه تجاوزتها دول العالم من خلال منظماتها الإقليمية وحتى منظماتها العالمية ويأتي في مقدمتها الرسوم الجمركية على السلع الصناعية والزراعية المتداولة بين الدول العربيه، وكذلك وسائل المواصلات البحرية والبريه والجويه مما يشكل صعوبة في عمليات النقل للسلع والبضائع ويضيف الدكتور أبا نمي كذلك غياب الاستثمارات العربية لعدم حمايتها القانونية وتشجيعها، كما أن تماثل الهياكل الإنتاجية العربية يعتبر عنصرًا آخر مساهمًا في انخفاض حجم التجارة البينية العربية، وعليه فمن المهم أن تتبني الدول العربية إستراتيجية اقتصادية تقوم على تحديد القطاعات التي تتمتع فيها كل دولة بميزات تنافسية وهذا بالإضافة إلى غياب التشريعات والحماية القانونية للاستثمارات في بعض الدول العربية أسهم كذلك في حركة رؤوس الأموال فيما بينها وأسهم في عدم تدفق الاستثمارات للدول العربية. ويضيف قائلا: «من هنا نرى أن سبل تنشيط حركة التجارة البينية العربية وتطوير السياسات المالية العربية وتوفير الظروف الملائمة لنمو تدفقات التجارة والاستثمارات العربية البينية التي ستهيئ البيئة المواتية لعمل القطاع الخاص، وتوسيع دوره في قضايا التكامل الاقتصادي العربي يكمن أولاً وقبل أي شيء آخر في القرار السياسي بتطبيق الكثير من الاتفاقيات العربية السابقة والتي لم ترَ النور في مجال إلغاء الجمارك وتحرير التجارة والسوق المشتركة وتفعيل إمكانيات الاقتصاديات العربية وربطها ببعضها البعض واستكمال البنية التحتية في جميع المجالات.