3 أشجار، رأيتها بأمّ عيني، ولكلٍّ منها قصّة مختلفة!. الأولى في مدينة كاشيما اليابانية، قلعة اليابان الرهيبة لصناعة الحديد، والثانية في مدينة سينسيناتي الأمريكية، معقل المهاجرين الألمان في بداية القرن الماضي، والثالثة في مدينتنا الحبيبة جدّة، أما زالت أمّاً للرخاء كما هي للشدّة؟. الله يهديني! لا زلت أطرح أسئلة (بايخة) وثقيلة الدم واستفزازية، وأخرج عن نصّ المقال، شكلي أحتاج لمصع أذن، وعموماً سامحوني، وأعود لقصص الأشجار!. وأبدأ بشجرة كاشيما إذ علّق اليابانيون سلسلة حول جذعها تحمل لوحة عليها رقماً، فسألت عنها مرافقي الياباني المستر يُوجي، فقال لي أنّ كلّ أشجار كاشيما مُرقّمة، ضمن خارطة إلكترونية تُخزّن حتى في الجوّالات العادية، ناهيك عن الذكية، ناهيك عن كمبيوتر البلدية، وهي تُسهّل معرفة مواقعها وبالتالي صيانتها، وهكذا تميّزت الأشجار هناك بالعافية والجمال!. يا خبر أبيض إنّ أماناتنا ليس عندها خارطة صيانة، ليس للأشجار فقط، بل لكثيرٍ من الأحياء، فتحولت إلى حارات مريضة تحتاج للترميم في الطوارئ والعناية المُركّزة!. أمّا شجرة سينسيناتي فقد زُرِعَت عند تقاطع، فحجبت بأغصانها الغزيرة لوحة مرورية مكتوبا عليها (توقف كامل) أو (Full Stop) لسائقي السيارات، فلم تر مواطنة أمريكية اللوحة بسبب الأغصان، ولم تتوقف بسيارتها وقوفاً كاملاً، فغرّمها البوليس، فاشتكت إلى المحكمة المرورية التي لم تُعْفِها من الغرامة فحسْب، بل أمرت البلدية بتهذيب الشجرة كي لا تحجب اللوحة عن السائقين، كما وبّختها وطلبت منها ومن البوليس تقديم اعتذار رسمي للمواطنة لأنهما قصّرا في إظهار القوانين المرورية بالشكل المطلوب!. يا خبر أكثر بياضاً، فنحن لا زلنا ننتظر المحاكم المرورية، وندفع الغرامة المرورية أولاً في الشوارع المليئة بالحُفر والمطبّات، وشبه الخالية من اللوحات المرورية، حتى لو لم نكن نستحقّ الغرامة، ثمّ يمكن لنا الاعتراض ثانياً، ممّا هو في الغالب فضفضة مع النفس لا أكثر ولا أقلّ!. وأختم بشجرة جدّة، وهي ليست شجرة واحدة، بل أشجار كثيرة، تقع في شارع ريحانة الجزيرة مزدوج الاتجاه في حيّ الفيصلية، وهي مزروعة في الجزيرة الوسطية، وقد تناست الأمانة تهذيبها لسنوات، فتدلّت أغصانها حتى كادت تلامس الأرض، الأمر الذي جعلها تحجب رؤية السيارات القادمة من طرف الشارع عن الواقفين في الجزيرة لغرض العبور، ما لم ينحنوا انحناء الركوع في الصلاة ليتمكّنوا من رؤيتها، وقد رأيت رجلاً مُسِنّا نزل من الجزيرة في عجل ليلحق الصلاة في مسجد واقع في الضفّة الأخرى، فكادت سيارة مسرعة لم يرها تصدمه، لولا حفظ الله ولطفه!. يا خبر هو الأكثر بياضاً، فإنّي أخشى أنه لو حصل الصدام وسالت الدماء وطلعت الروح قد يُقال أنه قضاء وقدر، لا تقصير يستوجب المساءلة والعقاب!. [email protected] @T_algashgari [email protected]