جلس إسحق نيوتن تحت ظلّ شجرة تفّاح، فسقطت تفّاحة إلى الأرض، فشغّل ماكينات مخّه و(تعاشيق جِيرْبوكْسُه)، واكتشف قانون الجاذبية الذي أهمّ ما فيه هو أنّ الأشياء تسقط في اتجاه واحد فقط: من الأعلى إلى الأسفل!. ولو عاش أبو يعقوب - وهذه كُنيته التي (أدلّعه) بها - إلى يومنا الحاضر، لفوجئ أنّ قانونه أصبح يعمل بالعكس، بمعنى أنّ الأشياء تسقط من الأسفل إلى الأعلى!. دعوني أوضّح: بعد آخر زيادة للرواتب، طالب بعضُ المُحلّلِين الاقتصاديين العباقرة، لا فُضّت أفواههم، بألاّ تكون هناك زيادة أخرى، لأنّ الزيادة هي التي تُطمِّع التُجّار وتجعلهم يرفعون الأسعار، والاستغناء عنها بضبط وزارة التجارة للأسعار!. طبعاً، هم يقصدون أنّ عدم الزيادة يجعل تفّاحة الأسعار تخضع لقانون الجاذبية وبالتالي يُسْقِطها من الأعلى إلى الأسفل، أو على الأقل يُبقيها ثابتة ومعلّقة من الرقبة في شجرتها حتى (تُخَمّج)، وقد صدّقهم الناس، واعتمدوا على الوزارة، وقالوا إنّ راتباً أقل مع قدرة شرائية أكثر خيرٌ من راتبٍ أكثر مع قدرة شرائية أقلّ!. والآن، وبعد مرور فترة على الزيادة الأخيرة، ماذا حصل يا تُرى؟. تفّاحة الأسعار، وبدلاً من السقوط من شجرتها إلى الأرض، أي من الأعلى إلى الأسفل، حلّقت ضدّ الجاذبية، وارتفعت من الأغصان الدانية إلى الأغصان النائية، ومسّ الارتفاع أسعار كلّ شيء: الغذاء والدواء والأراضي والعقار، والأجهزة والسيارات، والترفيه والتعليم، والخدمات والفواتير والإيجارات، وطار كلام الاقتصاديين العباقرة مع الريح، وتعثّرت وزارة التجارة في مهمّة تخفيض أو تثبيت الأسعار!. طيب، ما العمل؟ إسحق نيوتن يوصي وهو (زعلان) على قانونه، بزيادة الرواتب، فقد تناثرت قوانين جاذبية الأسعار كما تتناثر الكواكب يوم الدين، والزيادة هي الحلّ إذا غاب الضابط والرقيب!. تويتر: @T_algashgari [email protected] @T_algashgari [email protected]