كلما أقرأُ معلومةً عن الإعلام الإلكتروني، يقفز إلى ذهني اسم الأستاذ الدكتور فايز بن عبد الله الشِّهْرِي ، الذي أعدُّه واحداً من أبرز المتخصصين في الإعلام الإلكتروني في المجتمع السعودي، فقد أثْرى هذا العِلْم بأبحاثه، ودراساته، التي أضافت معلوماتٍ لَمْ تكُنْ مُتَاحَةً لي مِنْ قبْل. وفي هذا السياق رأى باحث عربي " أنّ ثورة الاتصالات جعلت العالَمَ صغيراً، ومِنْ ثَمَّ أصبح بمقدور الإنسان أنْ يطوف بأرجائه المختلفة، بِمُجَرَّدِ ضَغْطِ إزرار، وهو مُسْتَرْخٍ في مِقْعَدِهِ، أو مُسْتَلْقٍ على فِرَاشِهِ " واستبعدَ أنّ يكون العالَمُ قريةً كوْنيةً واحدة، تتساوى فيها الرؤوس أو حتّى تتقارَبُ وقال: " إن تلك القرية الكَوْنِيّة التي صكّ اسمَها الكَنَدِيُّ مارشال ماكلوهان وُجِدَتْ بالفِعْل، ولكنْ على شكلٍ آخرَ يختلفُ عما تَصَوَّرَه ماكلوهان، ففيها الكِبَارُ والصِّغَارُ، والسّادَةُ والعبيدُ، والمرسِلُون والمستقبِلُون " واصفا ثورة الاتصالات والمعلومات بأنها " نقلت المعلومة من الورق إلى الإلكترون، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيْه أمامها، كي تصل إلى الناس كافة ". والسؤال الآن: ما موقف النُّخَبِ منها سابقاً وحالياً ؟ في السابق كانت النُّخَبُ هي التي تتلقّى المعارفَ فتهضِمُهَا، وتستوعِبُهَا، ثم تنقلها إلى الناس، وحاليا اختلف الأمر تماما، فقد أصبحت المعلوماتُ متاحةً للكافّة مباشَرة، دون المرور بجسر النُّخَب أو مِصْفَاتِها ومُخْتَبَراتِها، ونَجَم عن ذلك" الترويج للثقافة الرخيصة التي لا تحتاج إلى جَهْد في التفكير أو الاستيعاب " وأصبحتْ السوقُ حافلةً بالمعلومات الوفيرة والضّحْلَة في الوقت نَفْسِه، جنباً إلى جنب مع المعلومات الجادّة والرخيصة، والنتيجة أنّ المعلومات لم تصل إلى الكافة متجاوزة النُّخَبَ فحسب، بل تجاوزت الحدود والقيود، وجميع البِنِي والمؤسسات التقليدية. أن يكون هناك إعلام إلكتروني، فإنّه يحتاج إلى خصال نفسية كثيرة، تتفاعل فتنتج شخصيةَ الإعلامي، القادر على تحمُّل مسؤولياته، كما يعني إعلاما أتاح له البثُّ الفضائيُّ التَّجَوُّلَ الحُرّ، والاطلاع على ما يجري في العالَمِ لحظةً بلحظة، ومن ثم فالإعلام الإلكتروني ليس المَخْرَجَ الوحيد، الذي يقدم الحلول، ولا مَقْبَرَةً للإنسان، ولكنّ متطلباته لا تكاد تنتهي، كَوْنُهُ يُعَبِّر عن الرغبة العامة للناس في تنظيم حقوقهم، ومع ذلك يظل "عالَمَ خُذْ وهاتْ" وانْدَمِجْ بعواطِفِك، وسُلوكِكَ، وأفكارِك، فأنْتَ في عالَمٍ فيهِ مُسْتَغِلُّون ومُسْتَغَلُّون، ونهّابُون وفقراء، وظَلَمَةٌ، ومظلومون، وباختصار عالَمٌ يَظَلُّ فيه سادةٌ مستوعِبُون، وعبيدٌ مُسْتَعْبَدُون. [email protected] فاكس: 014543856 [email protected]