أخي الصديق هاني ساب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أكتب إليكم معزيًا بعد حمد الله في الشدة والرخاء تصديقًا لقول سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلاّ كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة"، "ومن عزّى حزينًا ألبسه الله التقوى، وصلّى على روحه في الأرواح". أخي هاني عرفتك منذ أكثر من عقدين شابًا طموحًا مؤمنًا مهذبًا، وقد حقق الله له كثيرًا من طموحاته، ثم رزقه الزوجة الصالحة، والأبناء البررة، وغبطك الكثيرون على اجتهادك، ومثابرتك، وحبك لأعمال الخير والبر. ثم شاءت إرادة الله أن يبتلى صبرك وثباتك، ولعل ذلك تكريم لأفعالك في الخير، ومحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تصديقًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه أنس -رضي الله عنه- "إذا أحب الله عبدًا، وأراد أن يصافيه صبّ عليه البلاء صبًّا، وثجّه عليه ثجًا، فإذا دعا العبد قال: يا رباه.. قال الله تعالى: "لبيك عبدي لا تسألني شيئًا إلاَّ أعطيتك، إما أن أعجله لك، وإمّا أن أدّخره لك". وفي أيام العزاء شاهدك الناس بعد العزاء وأنت تربت على رؤوس أطفال الجمعية الخيرية وتعانقهم، حيث جاءوا إليك معزين وتتحدث وتبتسم إليهم كأنهم كلهم سلطان -يرحمه الله-. وعلى الرغم من فداحة المصيبة، ولوعة الفقدان، فإن ثبات الإيمان يدخل أعماقك وأنت تحمد الله بنفس راضية، تؤمن بالقدر خيره وشره، فيكون بلسمًا روحيًّا ترتضيه النفس وتؤمن به، كما جاء في صحيح الترمذي عن أبي موسى -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول الله تعالى: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك، واسترجع.. فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسمّوه بيت الحمد". فهنيئًا لك وعد الصادق الأمين. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلّا الجنة. رواه البخاري. وقد رأيت وسمعت عن سلطان -يرحمه الله- من بعض زملاء دراسته ممّن عرفوه ما أثلج صدري، وأفرح قلبي؛ لأن في ذلك بشارة حدثنا عنها الصادق الأمين في حديث رواه سيدي عمر -رضي الله عنه- في صحيح البخاري "أي مسلم شهد له أربعة نفر بخير أدخله الله الجنة، قال: فقلنا: وثلاثة؟ قال: (وثلاثة)، فقلنا: واثنان، قال صلى الله عليه وسلم: "واثنان"، ثم لم نسأل عن الواحد. صديقي العزيز هاني لا يسعني إلاّ أن أدعو الله بقولي: "اللهم اجعل لأخي هاني، وأم سلطان، وكل مبتلى ومبتلاة من همهم مخرجاً، ومن ضيقهم مخرجًا، اللهم كما فرّجت عن يونس ابن متّى، وأخرجته من ظلمات أحشاء الحوت وفرّجت همّ نبيك يعقوب، فرددت عليه بصره، وفلذة كبده، وتلطفت بعفوك ورحمتك على ابتلاءات نبيك أيوب فشفيته ممّا ألمّ به فرّج عن أخي هاني وزوجه ما هم فيه بسرّ أسرار رحمتك وفضلك. اللهم إني أسألك بأسمائك التي إذا دُعيت بها على أبواب السماء للفتح انفتحت، وادعوك بأسمائك التي إذا دُعيت بها على أبواب الفرج انفرجت، وندعوك بأسمائك التي إذا دُعيت بها على أبواب العسر لليسر تيسّرت، أن تيسّر أمورنا، وتنزل على قلب أخي هاني وزوجه التسليم والقبول والرضا، اللهم أكرمهم ممّن توسل اليك بفضلك ورحمتك لجبر مصابهم، واجعل الجنة مثوى فقيدهم، وان تبارك لهم في أبنائهم وحياتهم. كلمة أخيرة أقولها عبر جريدة "المدينة" الغراء: ليس لنا إلاّ الدعاء والابتهال إلى الله أن يجبر كسر كل محزون، وأن يسكن سلطان الجنة، ويبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلاً خيرًا من أهله، وأن يغسله بالماء والثلج والبرد، وأن ينقيه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. "إنا لله وإنا إليه راجعون"، ومهما كبر الهم، ومهما تعاظمت المحن، فإن الله أكبر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.