كسرت المعنفات الثلاث بعسير حاجز الصمت وروين ل «المدينة» معاناة السنوات الطويلة التى تذوقن خلالها كل أدوات التعذيب تارة من قبل الأب وتارة من قبل زوجاته، وقلن أن الضرب بالعصا والتعليق من الارجل والحبس فى الغرف المظلمة والسباب والشتائم المهينة كلها اسباب دفعتهن للبحث عن وسيلة خلاص من هذا السجن ذي الاسوار الحديدية. «المدينة» التقت الثلاث ممن آثرت بداية الصمت ثم تجرأت الكبرى لتروى حكاية 19 عاما من القهر والعذاب. نريد الحماية تقول الفتاة الكبرى ل «المدينة» لا أريد أي شيء في هذه الحياة سوى حمايتنا وإدخالنا دار الأيتام بعيدين عن والدي. وقالت بدأت معاناتنا بعد طلاق والدتنا وزواج والدنا بأخرى، وكنا نعيش في الرياض، وفي تلك الفترة تفننت زوجة والدنا في تعنيفنا، وممارسة شتى أنواع التعذيب الجسدي فينا، حيث كانت لا تتجاوز أعمارنا 4 سنوات، فكانت تضربنا بالعصا حتى يخرج الدم من أجسادنا، وتعلق أختنا الوسطى بالحبل من أرجلها، فيما تحبس الصغرى منا، والتي لم تكن قد تجاوز عمرها السنة مع الفئران، وكانت تحبسنا على سطح المنزل وتقيدنا بالسلاسل، في الوقت الذي كان فيه والدنا يشهد تلك العذابات، إضافة إلى أنه حرمنا من رؤية والدتنا طوال 19 عامًا. وأضافت الفتاة الكبرى (29 سنة): كنا نأكل ونلبس مما يقدمه لنا الناس. ولاحقًا، اختلف والدنا مع زوجته وطلقها، وفرحنا ظنًا منا أن الفرج قد حان، وانتقلنا مع والدي من الرياض إلى قرية درب العقيدة في محافظة أحد رفيدة، وهناك تزوج بامرأة أخرى تعمل معلمة دين. وبعد مرور سنة رفضت زوجة والدي العيش معنا في منزل واحد، وأصبحت تتلفظ علينا بألفاظ نابية، ما جعل والدنا يضعنا في أحد المنازل، ويغلق علينا الأبواب والنوافذ. الإقامة الجبرية وأشارت إلى أن لهم أخًا واحدًا، تخلى عنهن خوفًا من والده، مبينة أنهن بقين على هذه الحال في المنزل الذي وضعن فيه قيد الإقامة الجبرية، وتابعت أصيبت أختي الوسطى (24 سنة) بحالة صرع واكتئاب، أقعدتها تمامًا، ولم تعد تقدر على الوقوف أو إمساك الأشياء، وتفاقمت حالتها النفسية، فأصبحت لا تقدر على تناول الطعام ولا على الكلام، وأخذها والدي إلى أحد المستوصفات الخاصة، خوفًا من معرفة والدتنا عن حالنا وما نتعرض له، وبعد رفض المستوصف الخاص علاج أختي نقلت إلى مستشفى عسير المركزي، ورافقناها، بعد أن هددنا والدنا بالقتل إذا تحدثنا عن وضعنا وما نتعرض له. وبدأت أختي الوسطى تتلقى العلاج النفسي في المستشفى، إثر معاناتها من اكتئاب وصرع، وفقدان للحركة، وهبوط في صفائح الدم البيضاء. تأمين العلاج من جانبه قال مدير العلاقات العامة والإعلام في صحة عسير سعيد النقير قال إن مستشفيات المنطقة تستقبل العديد من حالات العنف، وتقوم بدورها الطبي في تأمين العلاج لهذه الحالات، لكن المستشفيات تحتاج إلى الأسِرة الموجودة والتي يحتاج إليها المرضى، ومثل هذه الحالات، لا بد أن تتدخل الشؤون الاجتماعية والحماية الأسرية في إيوائها، حتى لا تشكل عبئًا على الصحة وقال الدكتور عبدالعزيز سعيد آل حبشان استشاري الطب الشرعي والمشرف على مركز الطب الشرعي بعسير دعا إلى دور وقائي من وزارة الشؤون الاجتماعية قبل الوصول إلى مرحلة الإيواء، وتكاتف وزارة الشؤون الاجتماعية مع الجهات الأمنية المختلفة وسرعة وضع آلية لعلاج هذه المشكلة على أن تتضمن الطريقة الصحيحة لاحتواء الأهل لابنتهم. يذكر ان إمارة منطقة عسير كانت قد وجهت بتشكيل لجنة للنظر في قضية الثلاث شقيقات (أ، ح، ع) اللائي رفضن مغادرة مستشفى عسير المركزي، بعد دخول إحداهن له للعلاج، إثر معاناتها من اكتئاب وصرع وفقدان للحركة وهبوط في صفائح الدم البيضاء. وطالبن الجهات المختصة بإحالتهن إلى دار رعاية الأيتام، وعدم تسليمهن إلى والدهن الذي كان قد طلق والدتهن قبل 19 عاما وتعرضن لاحقًا من زوجتي والدهم لشتى أنواع التعذيب الجسدي واللفظي والمعنوي.