تعد حلقات تحفيظ القرآن الكريم من المنابع الهامة في إخراج المواهب الصوتية سواء من ناحية التلاوة أو الإنشاد، ويكتشف المتابع للساحة الإنشادية بدء أكثر المنشدين المعروفين لتجاربهم الصوتية من حلقات تحفيظ القرآن الكريم، حيث يفضل بعض الشباب الاستمرار في تلاوة القرآن الكريم، بينما يختار آخرون الانتقال إلى مجال الإنشاد، فكيف يمكن الاستفادة من المواهب المبدعة في مجال الإنشاد؟ بداية يروى المنشد هيثم الملحاني قصة بدايته مع الإنشاد فقال إنها ترجع إلى واقعة حدثت له عندما كان في حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وكون فرقة إنشادية تابعة للمسجد بدعم أحد المدرسين في حلقة التحفيظ، لكنه وزملاءه لم يكونوا يتقاضون أي أجر أو مكافآت على أدائهم، الأمر الذي دفعهم إلى التفكير في تأسيس فرقة هدفها الربح خارج المسجد. وأوضح الملحاني أنه من الصعب الجمع بين القرآن والإنشاد وأغلب المنشدين من فرق جدة وكانت بداياتهم من حلقات تحفيظ القرآن وهناك من المنشدين حفظة لكتاب الله وهؤلاء استطاعوا الجمع بين القرآن والإنشاد وعلى المنشد أن يسخر موهبته في الأجر. وعن إمكانية تنمية مواهب المنشد بيّن الملحاني أنه نادرا ما نجد تحفيظا يهتم بالمنشدين، فالجميع يعطي الأولوية لتحفيظ كتاب الله والمراجعة فقط، لكن النوادي الصيفية هي التي تكتشف المواهب وكذلك الفرق الشبابية. ونصح القائمين على حلقات التحفيظ بالاهتمام بمواهب الشباب إلى جانب الاهتمام بتحفيظ القرآن الكريم، فالمدرس يجب أن يكون شاملاً، ولا يعتقد أنه إذا اهتم بمواهب الشباب فسيشتت أذهانهم. المنشد والقرآن من جانبه أوضح قائد فرقة الدانة وعضو الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بكر فكي: إن المنشد يأخذ راحته أكثر في تلاوة القرآن الكريم، لأن أحكام التجويد تحكم أداءه الصوتي، ولا يجد هذه الراحة في أداء النشيد، وحكى أنه في أيامنا كنا عندما نحفظ القرآن الكريم، نجمع بين القرآن والإنشاد، وأضاف أنه إذا حبب المدرس وأهل الطالب الشاب في الشيء الذي يميل إليه فسيبدع فيه، وكشف عن أنه أحب النشيد لأنه تربى على حبه، وأرجع للقرآن الفضل في نبوغ المنشدين فكلما حفظ المنشد أكثر كان نصيبه أوفر في النجاح وهذه إحدى معجزات القرآن. وبيّن أن التحفيظ في الماضي كان يهتم في الأساس بحفظ القرآن ولا يهتم بالنشيد، أما الآن أصبحت هناك أنشطة طلابية تساعد الشباب في اكتشاف مواهبهم، ومن تلك الأنشطة مسابقة أجمل صوت بالتحفيظ ومسابقة ترتيل القرآن وكذلك مسابقة ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن، واستطرد إلى أن بعض الأصوات تكون جميلة في قراءة القرآن ولا تستطيع الإبداع في النشيد والعكس صحيح. اكتشاف المواهب وأوضح الفنان عبدالعزيز الشريف أن بداية الاهتمام بالمواهب تأتي من الناس الذين يشجعون الشباب من ذوي الأصوات الجيدة وأصحاب المواهب، حتى وإن لم يحترفوا الإنشاد، فدائما يستقطب رئيس الفرقة الإنشادية الشباب الذين لهم موهبة جميلة. ونصح الشريف الشباب الذين لم يحصلوا على فرصة بتطوير أدائهم والاهتمام بمواهبهم وسوف يجدون من يرغبهم. دور المعلم وأكد الأستاذ صابر العلي المعلم بإحدى حلقات تحفيظ القرآن بمدينة جدة أن الهدف الأساسي للحلقات هو تحفيظ الشباب القرآن الكريم وترتيله وتجويده في المقام الأول، ولقد سمي في الأساس "تحفيظا للقرآن الكريم" لكي يحفظ الشباب هذا القرآن الكريم فقط وليس تعليم الإنشاد. وبَين العلي أن هذه الحلقات أنشئت للجميع ولاكتشاف المواهب إلى جانب تحفيظ القرآن، دون أن يكون الأمر اهتماما كاملا بالإنشاد، فهذا أمر صعب لأن كتاب الله هو الأولى من بين كل الأمور، رغم ذلك تقام خلال حفظ كتاب الله مسابقات شهرية للمنشدين أو للذين يريدون تجربة وخوض المجال الإنشادي أو أي مجال آخر يرغبون فيه، والمفترض على المعلم إذا رأى موهبة قوية عند أحد التلاميذ أن يحاول تشجيع التلميذ على تنميتها والاهتمام بها. ونوه بأن المجال الإنشادي خصب وواسع وهو مجال شريف يساعد على إبداع واكتشاف المواهب الصوتية، وكشف عن أنه يفضل سماع الإنشاد من الناحية الصوتية بعد القرآن الكريم ويعتبر الإنشاد خيرًا من الغناء الماجن، وأضاف أن مسألة اهتمام المعلمين بالشباب الموهوبين في مجال الإنشاد تظل مسألة شخصية لا يمكن إجبار المعلم عليها.