لفت انتباهي، وشدّني التغنّي بالخصوصية، وكأننا نختلفُ في أشخاصنا عن بقية المسلمين في شتّى بقاع العالم. وكتب أخيرًا الأستاذ أحمد بن محمد الغامدي في ملحق “الرسالة” في جمعته الموافقة الثالث عشر من شهر ربيع الآخر في عامنا هذا، وبالخط العريض: “المُصرّون على إنكار الخصوصية يريدون ألاَّ تكون لنا ميزة على غيرنا”. وأورد في فحوى مقاله خصوصية المكان والأماكن المقدسة في بلدنا الحبيب، وذكر منها ثلاث عشرة خصوصية، وهي بالتأكيد مختصة بالمكان، وليس بالتأكيد كما ذهب إليه في مجمل مقاله، ومنها الحج الذي لن يتم إلاّ باقتران الزمان والمكان، ولا يصح في غيرهما، ولا يصح بانفصالهما، وهي أيام معدودات، في مكان محدد، بعبادة قدوتنا فيها الحبيب صلى الله عليه وسلم وتعاليمه التي حدَّث بها. علمًا بأن الأستاذ الغامدي طالب في آخر ما كتب المطلب الكبير من أبناء هذا البلد، ألَا وهو المحافظة على القدوة الحسنة، وأن نكون بقدر هذه المسؤولية الملقاة على العاتق أمام الله. وأُضيف يجب أن نكون أول مَن يحترم مقام هذه المقدسات من كعبة مشرفة، والمسجد الحرام الذي يحتضنها، وحرم مكةالمكرمة ككل، الذي يشمل قبلة المسلمين، والمدينة المنورة وما تشتمل عليه من قبر شريف، تشرّف بصاحبه صلى الله عليه وسلم، ومسجده صلى الله عليه وسلم، وما يحتوي من روضة شريفة من رياض الجنة، وحدودها المحرمة. ويجب أن يتطهر مجتمعنا من الغش، والخداع، والنميمة، والبهتان، والكذب سواء في الأعراض أو التجارة، وكذا في جميع تعاملنا، وكذلك المجتمعات المسلمة جميعها، ويجب وجوبًا علينا التّحلي بالأخلاق الحميدة، وتقديم العون والمساعدة لكل زوّار هذه المقدسات الكريمة، وبروح طيبة، وهذه الأخلاق الحميدة واجبة على المسلمين جميعًا في هذه الأرض المقدسة وغيرها حتى في بلاد الكفر. فإذا ما تممنا هذا نكون قد استمددنا خصوصية من ديننا الحنيف كمسلمين، وراعينا خصوصية المكان، وكنا قدوة. دعونا نعترف بأننا فرّطنا كمسلمين في أغلب تعاليم الإسلام في تعاملنا مع بعضنا البعض، وحتى سلوكياتنا داخل الحرم المكي، وأمام الكعبة المشرفة، وداخل الحرم المدني، وأمام القبر الشريف صلى الله على ساكنه وسلم، وفي الروضة الشريفة، وتدلل سلوكياتنا على تخلّفنا الأخلاقي، والذي سوف نُحاسب عليه، وتجد تناصحنا غير سوي، والكل يريد فرض وصايته وولايته مع الجهل بكثير من بواطن الأمور وشرعيتها ومشروعيتها. وفوق ما سبق تجد في حياتنا العامة والشخصية، ضاق بنا الخلق، ولم تسعنا كثير من حسن الأخلاق، والالتزام بالأنظمة والقوانين، من قوانين سير بالمركبات، إلى قوانين مكافحة الغش، فتمادينا في تلك الأمور إلى أن نُعتنا بالتخلّف، وسبقنا الغرب إلى قيم نحن أولى بها، وشرعت لنا منذ أكثر من 1400 سنة. وبناءً على ما سبق نجد أن الخصوصية للمسلمين جميعًا، وليست لنا خاصة دون الآخرين، إذا ما تمسّكوا بشرع الله، وتشمل حتى مَن هم في غير بلاد المسلمين -كما أسلفت- وخصوصية المكان لنا، أكرر خصوصية مكان، ويجب أن نكون على قدره كما طالبت، ولا ننسى خصوصية المكان للقدس الشريف، الذي يبكي عليه المسلمون؛ لأنه في يد مغتصبين، ولا حول ولا قوة لنا بسبب ضعفنا الكبير، وأيضًا بيوت الله من الأماكن التي لها خصوصية، والحمد لله ممكن إقامتها في أي مكان، وفي كل زمان، وليس لأحد من المسلمين خصوصية فوق أحد، ولا تفضيل إلاّ بالتقوى. وما اتّكالي إلاّ على الله، ولا أطلبُ أجرًا من أحدٍ سواه [email protected] فاكس 6286871 ص . ب 11750 جدة 21463