هناك رجال يحفظ لهم التاريخ عملهم وفعلهم. وهناك رجال تصنع تاريخًا بإبداعها وإنجازها، ويكون لهم به مجد، ومن هؤلاء الكاتب الصحفي الصحافي الأديب الخلوق الإنسان المُعلّم القدوة المفكر الأستاذ الفاضل محمد صلاح الدين، أسبغ الله عليه نعمة الصحة والعافية، وأزال عنه البأس، ورفع عنه الشدة. مَن يجهل تاريخ هذا الرجل لا يوفيه حقه، فقد صنع تاريخًا في الصحافة السعودية، وبالصحافة صنع تاريخها، فهو من أولئك القلائل النادرين الذين تتلمذ على يده كبار أقطاب صحافة اليوم، وممّا يُحمد لهم أن أغلبهم يشهدون له بهذا الإنجاز، وتندر صحيفة سعودية ألاّ يكون فيها أحد من أولئك الأقطاب. في هذا الرجل قلّة الكلام، وكثرة الإنصات، وإن تحدّث تحدّث بأدب جم، وإن كتب وخالف الرأي فكلماته دليل على حكمته، وقد لمست احترامًا شديدًا لمَن يُخالفه، ومقالاته، وحروف ما خطت يده طوال عشرات السنين خير شاهد، ولم أقرأ له سجالاً مع أحد، يطرح رأيه بأريحية كبيرة، وتواضع جم. له سعة اطّلاع ويندر أن يفوته حدث ويعلق بعد تفكر وتدبر. صناعة التاريخ ليست من فراغ، بل هي رحلة إبداع واحترافية ومهنية. أستاذنا محمد صلاح الدين زرع الثقة في نفوس مَن عمل معه، وحتى آخر العاملين قدروا هذه الثقة، وباتت تُشكل عبئًا عليهم أدّى هذا العبء إلى إنجاز لهم، بل إبداع لكثير منهم، يراقب عن بُعد، يصحح الخطأ بأسلوب يشعرك بأنك مهم لديه. ولا يقلل من أهمية الآخرين. رجل جمع بين الإدارة والمهنة، وقلة في الرجال ومن الرجال الذين يجيدون ذلك، عركته الحياة فوهبها للآخرين، عرف قساوتها فدافع عن مريديه، وصنع لهم مجدًا يشهد به القاصي والداني، له ولاء ووطنية نحتاج إلى أمثاله الكثير حتى ننهض، تنكر لذاته في سبيل الآخرين، جمع مجد الصحافة بخبرته، فإن كان محررًا فهو كذلك، وإن كان كاتبًا فهو قدوة، وإن كان رئيس تحرير فمثالي، وإن كان...، وإن كان... فهو أهل لها. حقيقة كما ذكرت وطالبت من قبل يجب وواجب ومفروض علينا تخليد ذكرى الإنجاز والإبداع والأخلاق، بتخليد ذكرى أصحابها، وإيجاد قدوات بهم في المجتمع يتفاخر بها الأجيال جيلاً بعد جيل، ويسيرون على خطاهم. اللهم اشفِ عبدك محمد صلاح الدين، وارفع عنه الضر، وأعده ليكمل ما بدأ، فإنك به وبنا لطيف خبير.. اللهم آمين.. آمين.. آمين. وما اتّكالي إلاّ على الله، ولا أطلب أجرًا من أحد سواه. [email protected]