تتميز المجتمعات المتقدمة، وتتمايز فيما بينها بالقدرة على إنتاج المواهب والمبدعين في شتى المجالات. وتعتبر الدول القادرة على إنتاج المواهب واحتضانها، هي تلك القادرة أيضا على توفير مناخ جيد للإبداع، يعمل على إزالة المعوقات وتذليل الصعاب أمام الموهوبين والمبدعين. وتضع المنظمات العالمية شرطين أساسيين يجب توافرهما في الدول والمجتمعات لكي تكون ذات مناخ إبداعي مشجع، وهما وجود كوادر مؤهلة تأهيلا جيدا، وتوافر بنية تحتية علمية وبحثية متكاملة، من خلال توفر قاعدة من أحدث التقنيات اللازمة والتجهيزات الضرورية لإنجاز أرقى الأبحاث والدراسات والاختراعات المتطورة في المجالات المختلفة. ونظرا لأهمية تلك القضية في إحداث نقلة نوعية في تاريخ الشعوب، طرحت “المدينة” بعض التساؤلات حول مناخ الإبداع في المملكة، على عدد من المخترعين والموهوبين وأصحاب التجارب في هذا المضمار.. وفي الاستطلاع التالي نتعرف على آرائهم حول هذا الموضوع. «تشجيع المجتمع» يقول المخترع حمود حامد البدراني إن المناخ العام في المجتمع والمؤسسات التعليمية لا يشجع إطلاقا على الإبداع والابتكار.. موضحا أنه يفتقد إلى تشجيع المجتمع ودعم الدولة، حيث يحتاج ذلك إلى وجود هيئة نزيهة ومتخصصة تعنى بالموهوبين في كل الفئات العمرية. مؤكدا أن القوانين والأنظمة الموجود حاليا تكفي لحماية المبدعين والاستفادة منهم، ولكن يجب تفعيلها والاهتمام بها من قبل المسؤولين والموظفين القائمين عليها. أما المخترع جمعان الخثعمي، فيرى أن مناخ الإبداع ليس متوفرا بالقدر الكافي، فهناك العديد من أعداء النجاح في المجتمع والمؤسسات العلمية، وأكد أنه يجب الاستفادة من الدول التي سبقتنا وحققت نجاحات واسعة؛ لأنه ليس هناك وقتا كافيا للمرور بالتجارب من أولها، فالأصح اذا أردنا التقدم والتطور أن نستفيد من تجارب الآخرين بحيث نتلافى السلبيات التي وقعوا فيها. ومن جانبه يرى المخترع رياض جارالله الجارالله أنه لا يزال أمامنا الكثير من العمل لنصل إلى ما نطمح له من مناخ عام يشجع الإبداع ويرعاه. وبالذات في المؤسسات التعليمية، ولكن في نفس الوقت ما نشاهده من تطور وحرص من القيادة بتوجيهات ومتابعة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- يدعو للتفاؤل ويبشر بالخير. وفي جانب آخر يتساءل المخترع عاطف عبدالله القاري، ماذا يجد الشخص الذي يملك مقومات الإبداع من المنزل الذي يعيش فيه، قبل خروجه للمجتمع والمؤسسات؟ لا شيء استثنائي يمكن أن يساعده لتنمية قدراته على الإبداع وتوجيهه التوجيه الصحيح الذي يختصر المسافات في مشواره الإبداعي.. فالمنزل أساساً يفتقر لهذه المعرفة وهذه اللغة وهذا المفهوم، وكما قيل: «فاقد الشيء لا يعطيه».. فالمنزل بحاجة إلى توعية لمثل هذه المفاهيم ليستطيع أن يُوجِدْ المناخ المناسب للشخص المبدع.. واستثني من حديثي هذا بعض الأسر التي فعلاً لها منهجية واعية في تنمية قدرات أفرادها المبدعين. أما بالنسبة للمؤسسات التعليمية فيقول قاري: أرجو أن يُؤخذ استطلاع من أفواه أبنائنا طلاب المرحلة الابتدائية.. والنتيجة ستكون حقاً مفاجأة مخيفة جداً.. فالطالب يلقى من بعض المعلمين معاملة بعيدة كل البعد عن الأسلوب التربوي.. ويلقى من معلمين آخرين إهمالاً لدرجة التسيب.. ولا أود أن أذكر المعلمين الجيدين لأنهم قِلَّة ولا يجدون التقدير المناسب.. علماً بأن ما ذكرته بناء على وقائع حقيقية حدثت وفي مدارس نموذجية. ويقول المخترع عبدالعزيز النوفل: لا استطيع الحكم على مجتمع بأكمله ما إذا كان يشجع أو لا يشجع، فأنا وأنت وغيرنا من أفراد هذا المجتمع نعيش وننتج ونعمل في سبيل تأمين مستقبل ولقمة عيش ونواجه ما نواجهه من معوقات مع ان ما نسعى إليه هو أهم بكثير من الظهور بأفكار أو إبداع، فمن وجهة نظري أن أي فرد من أي مجتمع لن يستطيع الظهور بما يلهمه وينهض بعقله ويسمو به ويخدم بلده مادام انه لم يجد من ينصفه ويمنحه أبسط حقوقه، أما من ناحية المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات فهي صروح تعليمية نستطيع القول بأنها كبيرة بمساحاتها وميزانياتها، والمبدع سيبدع إذا وجد من يحتوي افكاره ويتبناها. «مساحة للابتكار» أما المخترع مهند عبدالرحمن الحلواني فيرى أن المجتمع للأسف لا يشجع على الابداع، أما المؤسسات التعليمية فهي تُشجع الى حدٍ ما على ذلك، وتعطي مساحة أوسع للابتكار وتحاول أن تثري الجانب البحثي وتتبنى وتصقل وتحفز. ويقول المخترع عبدالله مطلق الشمري: المناخ حاليا ليس بالشكل الذي يطمح إليه المخترع وأن وجد فهو على نطاق ضيق ومحدود؛ لأن الاختراع بدايته فكرة، وهذه الفكرة تحتاج للتفرغ والصبر لمتابعتها بشكل مكثف وتحتاج للدعم المادي والمعنوي لرعايتها حتى تثمر وتكون نتيجتها إيجابية. فيما ترى المخترعة وفاء مرضي الشمري أن كثرة المعارض تؤدي بالفرد الى الحماس والتفكير للمشاركة فيها وتنمي مواهبه وتبرز ذاته، وهذا في حد ذاته يشجع على الإبداع. ويشدد المخترع غرم الله الغامدي على أن المجتمع مازال يفتقد إلى ثقافة الاختراع والإبداع، وديدنهم هو أن الغرب لم يترك لنا شيئا لنخترعه، وعندهم قناعة بذلك. ولذلك نواجه مشكلة أن ما نقوم به يعتبرونه تقليد للغرب وليس اختراع أو إبداع متفرد. المخترع نواف آل زايد يرى أن ذلك يختلف من مجتمع ومؤسسة إلى اخرى بناء على طبيعة المجتمع وعمل المؤسسة التعليمية ومدى تشجيع أعضاء المجتمع وأصحاب القرار للإبداع والمبدعين.