الإدارة فنون وصنوف، منها الإدارة بالأهداف أي التي تسيرها أهداف محددة تسعى لتحقيقها. ومنها الإدارة بالحب، أي احتواء العاملين وتقديرهم والتعاطف معهم حتى يحققوا دائماً معاني الانتماء إلى المنظمة أو الجهة التي يعملون فيها. وهناك الإدارة بالتقويم، والإدارة بالتنويم أي التي لا تطالب إلا بالحد الأدنى من الإنجاز، وهناك إدارة بالغلظة والتسلط والتخويف. الأنواع كثيرة، لكن أحدث ما تعاملت معه هو الإدارة بالمراوغة. والمراوغة مصطلح ليس خبيثا في عمومه، ففي الحرب مثلاً، هي مطلوبة ومندوبة (الحرب خدعة). والمراوغة مصطلح شائع في بعض الألعاب الرياضية حتى أن قيمة اللاعب تزداد طردياً مع ارتفاع قدرته على المراوغة كما في كرة القدم أو السلة. لكن أن يشيع هذا المصطلح في فنون إدارة منظمة اقتصادية أو تجارية، فذلك أمر يحتاج إلى نظر، ذلك أن العميل أو الزبون لا يتوقع مطلقاً هذا الفن الإداري الملتوي، ولو علم أصلاً ما شرع في التعامل مع هكذا منظمة، ولتجنبها معظم الناس عدا المراوغين أنفسهم الذين يجيدون الفن نفسه، وعندها ستكون مباراة مشوقة في فن المراوغة وأساليب الالتواء. ومع كل هذه الإطالة في المقدمة المليئة بالسكر، فلن أعلن أيها السيدات والسادة عن اسم المنظمة التي تمارس هذا النوع من الإدارة؛ خوفا من استغرابكم ثم استنكاركم وتنديدكم وشجبكم لشخصي الضعيف، يكفي أن أشير تلميحا لا تصريحا.. هي شركة مساهمة يقدر رأس مالها بعدد من المليارات، ولها حسب أقوال مسؤولين فيها مستقبل بل (مستقبلات) واعدة جداً، فهي فرصة عمر لا تُعوض... ستوفر مئات الآلاف من الوظائف، وسيعيش فيها أكثر من مائة ألف شخص، وستمثل مشروعا نموذجيا لم ترَ عين قبله ولن ترى بعده. وكل هذه الوعود البراقة الجميلة جزء من تكتيكات الإدارة بالمراوغة. المهم ويل لي ولمن صدّقها فاشترى منها على الورق وحدات سكنية ليعيش على حلم موعود، بعد أن يدفع أولاً ثم ثانياً ثم ثالثاً. الوعود مستمرة، والمراوغة قائمة: والثعلب فات فات (أقصد التسليم فات فات) وسنعيش في تبات ونبات. وموت يا ذكي حتى يتحقق الوعد!! [email protected]