استرعت انتباهي كلمة الأميرة عادلة بنت عبدالله في مؤتمر المدينةالمنورة للإرهاب، التي طالعتنا بها صحف الاثنين 29/3/2010 حيث ذكرت الأميرة أن “الإرهاب ظاهرة مركبة ومعقدة”. وهنا أعتقد أن الجميع يتفق مع الأميرة، فلقد نُبِذَ الإرهاب في كل الأديان، وحُورِبَ من كل الأطياف، بل أجمعت كل الانقسامات، وتوافقت كل الأشتات على كلمة واحدة، وعلى فكرة واحدة، أجمع الجميع فيها على جرم الإرهاب، ومفارقته الصواب. وتمضي الأميرة في كلمتها التربوية ذات البعد الإصلاحي، فتذكر أن “أسباب الإرهاب كثيرة ومتداخلة”، ولذا يأتي هذا المؤتمر وغيره من مؤتمرات وبحوث ودراسات في محاولة للتشخيص وبحث الأسباب والتداعيات للحد من خطره وهدمه.. والحقيقة أن العبارات التي استوقفتني في كلمة الأميرة كانت كثيرة، ولعلي أشير إلى عبارتين جميلتين وأكتفي بهما: الأولى: “دور الأسرة في تربية النشء بوصفها مؤسسة اجتماعية”.. وهنا أقول أنه لا دلالة من غير دليل، ولا فكر من غير عقل، ولا زبد من غير لبن، وعليه دعوة لنا جميعًا بإعادة النظر في دواخل بيوتنا، دعوة ألا نؤمن إلا بما جاء به الخالق، ولا نعتقد بشيء من ذوات أنفسنا وبما نحبه أو نكرهه، فليس لنا أن نؤمن بالباطل، ونكره الحق، بل نؤمن بما جاءت به الشريعة، واتفق أهل العلم على تفسيره، وليس لأحد أن ينزع برأيه، ويشذ بفكره “وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ” ثم يجب أن تتطابق أقوالنا وممارساتنا مع نؤمن به ونعتقد فيه، فلا نؤمن بشيء، ونتحدث بشيء، ونفعل شيئا آخر.. فبما أننا نؤمن أن الكذب “حرام” فيجب ألا نقول كذبا، أو نفعل كذبا، والحديث في ذلك يطول..، على ذلك يجب أن تقاس باقي سلوكيات الأسرة من أقوال وأفعال. أما العبارة الثانية التي جاءت بها كلمة الأميرة فهي “أهمية التنشئة الاجتماعية وفق ثقافة الحوار.. وغرس قيم التسامح وقبول الآخر” والحوار هنا ليس الاتهام، وليس الانقسام، وليس التسفيه، وليس التشويه، وليس الصراع، ولا الانصياع، بل الاجتماع إلى كلمة سواء، وإن لزم الأمر للتسامح بما لا يُخِل، ولا يُضِل، وهكذا جاء محمد بهذا المبدأ الرباني، كيف لا وقد وصفت عقيدتنا بأنها السمحة، ففيها من العبر والدروس والأحداث ما تنوء به كتب التاريخ من صور العفو والتسامح وقبول الآخر! فلما نزيد في الكفة ما لا يغني من الحق شيئًا، ولا يزيدنا إلا فرقة وشتاتا؟! وأخيرًا.. عاشت بلادنا حياة ملؤها الهدوء والوئام، وصور التلاحم في بني قومي تملأ الأرض حبرًا بوصفها، وصور العدل لا تزال باقية في قلوب الحكام والمحكومين، فدعوة لنا بالثبات، ودعوة من أرض هذا المؤتمر إلى كل بني البشر، بإعادة النظر، وستلاحق الخطر، ونبذ جميع معاني الإرهاب! •باحث تربوي بوزارة التربية والتعليم