تتباين الرؤى من مؤسسة لأخرى حول أهمية «العلاقات العامة»، فمؤسسة تكتفي بوجودها كقسم، وأخرى ترى أهميتها في كونها إدارة يُشار لقيمتها بلوحة عريضة تُعلق على باب مديرها مكتوب عليها «مدير إدارة العلاقات العامة». وحينما يُعاد النظر في الدور الذي تقوم به هذه الأقسام أو الادارت يتبيّن البون الشاسع فيما تقوم به من أنشطة، إذ تتعلق جودة هذه الأنشطة بشكل مباشر بوعي مسؤولها الأول، فمنهم من يرى أهمية إبراز جهود منشأته عبر الإعلام، ومنهم من يرى عدم جدوى النشر الصحفي –أصلاً- كونه كلام جرايد!!! أتى على أقسام العلاقات العامة في الوزارات حين من الدهر جعل الموظفين بكافة مؤهلاتهم يعتذرون عن العمل فيها بسبب فهمهم الخاطئ لدور موظفيها، فهم يرون موظفها مجرد شخصٍ ذي أصابع غليظة يُحسن الإمساك بالمقص، ويتعقّب الأخبار التي تهمّ مؤسسته ويُلصقها في ملف خاص يتم عرضه أحياناً على الرئيس وأحياناً أخرى يُرمى في احد الأدراج الجانبية إلى أجلٍ غير معلوم. بل مما زاد رفض العمل في هذه الأقسام هو عدم تورّع بعض الموظفين في غمز ولمز زملائهم ب «قص ولصق» الورق!!! هذه النظرة الدونية للموظف قتلت ما يسمى ب «العلاقات العامة»، ولم يعد لوجودها أهمية تُذكر، وبالتالي كان لابد لصناع القرار في المنشآت من مخرج، فتفتّقت أذهانهم عمّا يسمى ب «الفريق الإعلامي» والذي غالباً ما يضم أسماء صحفية بارزة ذات نفوذ في صحفها، وقدرة على نشر ما تُكلّف به، بل ابتكرت بعض المؤسسات فكرة تطعيم هؤلاء الفريق بثلّة من الأكاديميين لتزاوج الخبرة العملية مع النظرية وحينئذ تأتي الحبكة الصحفية «كاملة الدسم» يخجل قارئها من وصفها ب «كلام جرايد»!! يتصف هذا الفريق الإعلامي بروحه القتالية في الدفاع عن رموز مؤسسته، فيسوّق بشراهة لهذا المدير وذاك الوكيل، ويبلغ ذروة هجومه حين اتهامها بالتقصير، ويمطر الصحف بغزارة تقاريره وتحقيقاته قبيل نهاية السنة المالية، فهل نشهد -فعلاً- تحوّلاً في فهم المسؤولين للإعلام؟ وهل للنقد الإعلامي سطوة يخشاها المسؤولون؟ بل هل أصبح إحتواء الإعلام والسيطرة عليه هاجسا يؤرق صناع القرار في المؤسسات الخدمية؟. [email protected]