قرار مجلس الوزراء الأخير بإلحاق الطلاب الدارسين في جامعات وكليات الدول العربية على حسابهم الخاص بالبعثة التعليمية، إضافة إلى تحمّل الدولة لما نسبته 50% من نفقات زملائهم الدارسين في المؤسسات التعليمية الحكومية والأهلية داخل المملكة. قرار حكيم صائب، ينمُّ عن تقدير الحكومة للأعباء المالية، والمعنوية التي تتحمّلها الأسر السعودية في سبيل تعليم أبنائها في الخارج. أمّا من زاوية وطنية أخرى، فيمكن قراءة هذا القرار بأنه خطوة إيجابية تجسّدت فيها شفقة الوالد، وسخاء الأب، وحرصه على مصلحة أبنائه. فذوو الدارسين في الدول العربية بالذات يعرفون جيدًا مدى صعوبة الحياة التي يعيشها أبناؤهم في تلك الدول، سواء كانت هذه الصعوبات اجتماعية، أو مالية، أو علمية، وأحيانًا قد تصل هذه الصعوبات إلى ابتزازهم، وإسماعهم لعبارات عنصرية مقيتة، قلّما يشكو منها أبناؤنا الدارسون في الجامعات الأوروبية أو الأمريكية!! وقد تتجاذبهم بعض التيارات الفكرية المتشددة، ومن هنا يكمن التحدّي الأكبر في كيفية حمايتهم فكريًّا، وهذا ما تمّ بالفعل خلال قرار مجلس الوزراء يوم الاثنين الفائت. إن متابعة وزير التعليم العالي ونائبه الشخصية لسير عمل اللجان المعنية باستقبال المتقدمين للابتعاث إنّما هو تأكيد على أن الطالب السعودي هو الرقم الأهم في المعادلة التعليمية، سواء كان خارج البلاد أو داخلها، وجهد جبار تتجلّى قيمته في بناء العقول، فهؤلاء العائدون بالعلم والمعرفة هم الثروة التي سيراهن عليها الوطن، وسيكسب الرهان، خاصة إذا علمنا أن اليابان لا تمتلك ثروات طبيعية، واستطاعت أن تستيقظ من تحت الركام، وتتبنى ابتعاث المتفوقين من أبنائها إلى الجامعات الغربية، وفي أقل من نصف قرن استطاعت أن تشاطر الدول الصناعية مقاعد المقدمة. ولكن السؤال الأهم: لماذا لا يكون الدور متكاملاً ما بين الدولة والأسرة؟ بحيث تختار الأسر -إذا ما أرادت تدريس أبنائها على نفقتها في الخارج- البلدان المتقدمة علميًّا، بدلاً من اللجوء إلى جامعاتٍ عربيةٍ تجاوزتها جامعاتنا أكاديميًّا وتقنيًّا بشهادة الجهات المعنية بالتصنيفات الدولية، والمعايير العالمية. [email protected]