أصدر برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، ومؤسسة محمد بن راشد بن مكتوم قبل أيام تقرير المعرفة العربي لعام 2009، والذي جاء فيه أن واقع الحريات في الوطن العربي «غير محفز للنهوض بالأداء المعرفي العربي»، كما أن 60 مليون عربي يعانون من الأمية ثلثاهم من النساء، وان ثلث العرب الكبار لا يعرفون القراءة والكتابة، و 9 ملايين طفل في عمر الدراسة الابتدائية في الدول التي لم تحل مشكلة الأمية لا يذهبون إلى المدرسة. هذه الجزئية الإحصائية من التقرير توضح عمق مأساة التعليم في عالمنا العربي، وبالتالي لا مجال للتنمية المعرفية طالما أن هناك أميين بالملايين، وأطفالاً يعيشون خارج أسوار المدرسة، ونساء يلتحفن الجهل في عصر تجاوز أبناؤه مرحلة التعلم والنجاح إلى مرحلة الإبداع والتفوق. ثم إن السؤال المهم ماذا ننتظر -مستقبلاً- من أطفال يمكثون ساعات الليل والنهار بجوار أمهاتٍ لا يجدن قراءة الفاتحة؟ وهل سيكتسبون قيماً أخلاقية رفيعة في ظل أجواء عائلية مشحونة بالجهل؟ إن وجود المرأة المتعلمة والمثقفة سيختصر سنوات عديدة من عمر التنمية المعرفية التي يفتقدها العرب الآن، إذ أثبتت دراسات علمية كثيرة أن الأطفال يكتسبون جُل سلوكياتهم، وحبهم للمعرفة من توجيهات أمهاتهم الشفهية التي يتلقونها يومياً، إذا ما وضعنا في الحسبان أن الأب العربي -في بعض المجتمعات- يأنف من حمل طفله على كتفه حيث يرى هذا العمل من مسئوليات المرأة!! أما من جهة أخرى، فقد أظهر التقرير أن 7 دول عربية فقط هي دول مجلس التعاون الخليجية وليبيا والتي تشكل 15% من سكان المنطقة العربية تقع في فئة التنمية البشرية العالية. وهنا تتضح الحيادية والحرص على تبيان الحقيقة لدى القائمين بإعداد التقرير حينما وصفوا التنمية البشرية في دول الخليج وليبيا بأنها «عالية» ولو لم يصفوا التنمية البشرية، والعلمية، والمعرفية في المملكة ب «العالية» لقلنا لهم ماذا بوسعنا أن نعمل لتنمية عقل الإنسان العربي السعودي طالما أننا منحناه الفرصة بالمجان ليدرس التخصص الذي يريده في أكثر من ثلاثين جامعة وكلية حكومية وأهلية تم إنشاؤها وتطويرها لهذا الغرض؟ وكيف تفسرون ابتعاث أكثر من ستين ألف طالب وطالبة للدراسة في أعرق الجامعات الغربية؟ حينئذٍ سيجمعون على ال «عالية» في وصفهم للتنمية البشرية في المملكة العربية السعودية. [email protected]