الأخضر يعود بنقطة التعادل من اليابان    رينارد يعتذر.. ويعد بالتأهل    أمانة الشرقية.. رقم قياسي في «غينيس» لدعم الباعة الجائلين    مشروع ولي العهد يُجدّد مسجد «الحصن الأسفل» بعسير    المملكة تحصد عدداً من الإنجازات النوعية    محمد بن سلمان.. رَجُل السَّلام    تركيا: اعتقال «محرضين» بعد سادس ليلة من الاحتجاجات    روح الشباب وعطاء القيادة    الحركان: الوطن شهد تحولات جذرية في مختلف المجالات    رئيس مركز قوز الجعافرة يتوج بطل بطولة الساحل الرمضانية ويكرم الفائزين في المسابقة الأسرية    مؤسسة الرياض غير الربحية رؤية تواكب طموح الوطن    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعًا صحيًا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    أمير مكة المكرمة يطلع على تقرير أعمال الجهات خلال شهر ⁧‫رمضان ‬⁩    الوداد ترسم فرحة العيد الأولى ل 20 يتيما    الذهب يرتفع وسط مخاوف التوترات التجارية.. وانخفاض «التكنولوجيا» يضعف الأسهم    البديوي يدين إنشاء (إسرائيل) وكالة لتهجير الفلسطينيين من غزّة    بعد اجتماعات الرياض.. اتفاق روسي أوكراني على تأمين البحر الأسود    3.8 ملايين ريال غرامات أصدرتها الطيران المدني الربع الأول 2025    أمير الشمالية يرأس استعدادات العيد    تقلص فرصة قطر في التأهل المباشر لكأس العالم بالخسارة من قرغيزستان    المركز الوطني للعمليات الأمنية يشارك في معرض وزارة الداخلية    "دارك للإسكان التنموي" تختتم ورشة البناء الاستراتيجي لرسم ملامح المرحلة القادمة    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الهيلينية بذكرى يوم استقلال بلاده    رياح نشطة وأمطار رعدية متوقعة على عدة مناطق في المملكة    نمو اقتصاد الهيدروجين وخفض الكربون.. أرامكو تستحوذ على 50 % في شركة الهيدروجين الأزرق    اليابان طريق الأخضر للمونديال    مليار ريال لمستفيدي "سكني"    لكبح قدرات الميليشيا المتمردة على استهداف الملاحة البحرية.. الطيران الأمريكي يواصل ضرباته لمراكز الحوثيين الإستراتيجية    «العالم الإسلامي» يؤيد مخرجات «اللجنة الوزارية» بشأن غزة    إحباط تهريب 108 كلجم من "القات " والإطاحة ب4 مخالفين    مرصد «المجمعة» يوضح ظروف رصد هلال شوال    استمرار ملاحقة فلول النظام المخلوع.. الأمم المتحدة: مليون سوري عادوا من الملاجئ    زار وجهة البرومينيد التابعة لمشروع المسار الرياضي.. نائب أمير الرياض: اهتمام خادم الحرمين وولي العهد بالمشروعات الرائدة يحقق رفاهية المجتمع    بادرة الوفاء في العيد لذوي القربى    النظرة السوداوية    «جرائم القتل» بطلة 5 مسلسلات في رمضان    اطلع على تقرير أعمال فرع "التجارة".. أمير تبوك يشدد: القيادة تدعم كل ما يحقق للمواطن رغد العيش    الجود والكرم وبركة الحرم    أمير الرياض يوجّه باستمرار العمل خلال إجازة العيد    التوقف الطبيعي للطمث    وزير الصحة يتفقد جاهزية المنشآت الصحية في العاصمة المقدسة    صبيا تحتفي بنجاح بطولة كرة الطائرة الثانية الرمضانية بحارة الباصهي    محافظ ⁧‫خميس مشيط يرعى بطولة وادينا2 ضمن مبادرات ⁧‫أجاويد3‬⁩    الرئيس التنفيذي لتجمع عسير الصحي يدشن قسم الأشعة المقطعية بمستشفى تنومة    الهيئة العالمية لتبادل المعرفة تمنح العضوية الشرفية للدكتور الحمد    حلم وبُعد نظر الملك عبدالعزيز    128 بطولة رمضانية في رابطة الهواة لكرة القدم    الغيرة المحمودة    قصة الذات في عوالم الأدوار المتشابكة    ربي ارحمهما    مصير خريجات رياض الأطفال    «شارع الأعشى» كتلة مشاعر    مركاز الفريد    أمل علاج السرطان ما بين الحقيقة والشائعات    «الدفاع المدني» يشارك في معرض الداخلية لتعريف ضيوف الرحمن بالخدمات بجدة    مخاوف متزايدة من التجسس وسط إقالات جماعية في واشنطن    نجاح أول علاج بيولوجي لثلاثيني في جازان    أمير تبوك يوجه باستمرار العمل خلال اجازة عيد الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوق حباشة.. متى يستقر على الأرض؟!
نشر في المدينة يوم 27 - 10 - 2021

منذ فترة ليست بالقريبة تنازعت (موقعَ سوق حباشة) التاريخي أكثرُ من جهة كلها تدَّعي وصلاً به، وذلك بحسب ما لديها من مصادر تاريخية هي في أغلبها مصادر مشتركة بين تلك الجهات المتنازِعة. سوق حباشة التاريخي واحد من الأسواق التي قامت في العصر الجاهلي ومنها أسواق (عكاظ ومجنة وذي المجاز)، وكان سوق حباشة هو آخر تلك الأسواق التي اندثرت وذلك أواخر القرن الثاني الهجري. ظل سوق حباشة طوال القرون الماضية طي بعض المصنفات، مغيَّبًا عن التداول الإعلامي حتى الفترة الأخيرة التي ظهر فيها بعض المؤرخين كحمد الجاسر وحسن الفقيه وعاتق البلادي (رحمهم الله) الذين بعثوا السوق من مرقده وتباينت آراؤهم حول تحديد موقعه إلا أنها كانت تتفق جميعها على أنه لا يبرح (صدر وادي قنونا) بمحافظتَي (العرضيات والقنفذة)، ثم انضم إليهم المؤرخون أحمد عمر الزيلعي وغازي الفقيه وعبدالله الرزقي وناصر الشدوي على الامتداد نفسه (صدر وادي قنونا) مع اختلاف في تحديد النقطة الرئيسية، ثم ظهر رأي آخر تبناه المؤرخ أحمد مريف البارقي والمؤرخ سعد الماضي حيث يريان أن موقع السوق بمحافظة بارق، ومؤخرًا ظهر رأي جديد تبناه محمد خريص المرحبي حيث يرى أن السوق يقع على وادي يبه شرق بلدة القوز بمحافظة القنفذة.
ظاهرة التنازع هذه بين المهتمين بالسوق تُعد ظاهرة جيدة تُثري الموضوع، غير أن الأمر الذي لم يكن جيدًا في هذا الشأن هو طول فترة صمت الجهات المعنية بهذا الشأن وعدم تدخلها لفض هذا التنازع وتحديد مقر السوق، بل والأعجب من ذلك حين قامت هيئة السياحة والتراث الوطني -قبل سنوات- بترسيم سوق حباشة في بلدة (الحواري) بوادي قنونا بمحافظة العرضيات بوضعها أعمدة خرسانية عليها شعار الهيئة، ثم كررت العملية بعد ذلك في بلدة (الخرباء) بمحافظة بارق.
هذا دعاني –قبل خمس سنوات- لأكتب حول هذا الشأن مقالاً تحت عنوان (هيئة السياحة وبوصلة حباشة) قلت فيه «بدلًا من ترك الأمر لسيل التجاذبات بين الباحثِين والمهتمِّين بأمر السوق، فإن المؤمَّل من هيئة السياحة تشكيل (لجنة علمية موثوقة) تقف على الموقعَين، وتعاين الشواهد، وتستحضر الأدلة والقرائن وأقوال المؤرِّخِين والباحثِين الأوائل.. حتى يترجحَ لها المكانُ الحقيقي لسوق حباشة وتُقِرَّه».
لم تمضِ سنة حتى قام فريق مختص من الهيئة ووقف على الأماكن المقترحة في محافظات (العرضيات والقنفذة وبارق)، وقبل أسبوع أطلقت دارة الملك عبدالعزيز –بالتعاون مع وزارة الثقافة وهيئة التراث- في مدينة أبها ورشةَ عمل عن سوق حباشة ضمت نخبة من الخبراء والأكاديميين لمناقشة الآراء حول موقع سوق حباشة، ثم وقف فريق من الباحثين والمتخصصين على المواقع المقترحة، وكان قيام هذه الورشة بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال أمير منطقة عسير بحسب ما جاء في كلمة أمين عام الدارة الدكتور فهد السماري في افتتاح ورشة أبها.
ما نؤمِّله أن تضع تلك الورشة وذلك الفريق نهاية لهذا الجدل والتنازع الذي طال أمده، وألا يُكتفى في الفصل في الأمر واتخاذ القرار بكَمِّ الوثائق والحجج والآراء فقط؛ بل ينبغي أن تكون (المنهجية العلمية) حاضرة، وأن يكون الوقوف (الميداني) حاضرًا أيضًا على ألا يُكتفى بوقوف واحد عابر؛ بل ينبغي أن (يتكرر) الوقوف على المواقع المقترحة.
ثم إنه يجدر أن يكون للشواهد الماثلة والآثار الباقية في مواقع السوق حضورها في هذه القضية، وأن تكون مقومات قيام السوق متوافرة، وهنا أُؤكد على حضور ما يسمى ب(المسح الأثري) باستخدام الخرائط الطبوغرافية، وتفعيل فحص الآثار بالطرق الكيميائية والجيوفيزيائية واستخدام الأشعة بأنواعها المختلفة، وغير ذلك من الطرائق العلمية التي يعرفها خبراء الكشف عن الآثار لتحديد أعمار الآثار المتبقية في مواقع السوق المقترحة والعصور التي حضرت فيها. بهذه المنهجية يمكن ملامسة أهداب الاطمئنان على تحديد موقع سوق حباشة، وهذا لا يعني إغفال المصادر التاريخية الوصفية لكنَّ تلك المصادر ينبغي ألا تكون وحدها هي الفصل في الأمر إنما تكون معزِّزة لنتائج المسح الأثري الذي أراه من الأهمية بمكان، ولذا يلزم أن تنصرف الجهود له؛ ليحسم الأمر ويستقر سوق حباشة على الأرض بعد عقود من الجدل الذي جعله يتنقل باستمرار من موقع لآخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.