يعتقد البعض أن وجود مدير ضعيف الشخصية على رأس منظمة ما، هو أمر جيد بالنسبة له وللمنظمة عموماً، حيث يتوهم أن الضعف كفيل بإضفاء المرونة والسهولة على بيئة العمل، وهذا غير صحيح بالطبع، فالمدير الضعيف من أكبر نقاط الخلل وأشدها خطراً على أي منظمة، كونه السبب الأول في فساد بيئتها؛ واختلال موازين العدالة والمساواة والحزم والانضباط والإنتاجية فيها.. ولا أظن أن ثمة ما هو أصعب على موظف جاد من العمل تحت إدارة مدير ضعيف، تفتقده منظمته عند حاجتها لقرار حاسم، ويشعر موظفوه بالخذلان عندما ينتظرون إنصافه، ووقفته ودعمه لهم!، مدير يكذب هنا، وينافق ويجامل ويراوغ هناك، للخروج من مآزق ضعفه الشخصي دون النظر لمصلحة العمل ولا لمصالح مرؤوسيه!. . الشخصية هبة من الله، ومشكلة هذا النوع من الرؤساء ليست في مجرد ضعفه، المشكلة الأكبر تكمن في تمسكه بمنزلة هو أعرف الناس أنه لا يستحقها، وفي خوفه من بعض الموظفين الأقوياء الذين يراهم تهديداً مباشراً يجب الخلاص منه، ولأن هذا الهاجس يتملك كل تفكيره ويشغله عن مهامه الأساسية، تجده يقفز فوق كل واجباته ومسئولياته القيادية والتطويرية لاهياً بمعاركه الوهمية في حماية كرسيه الوثير من تهديدات المميزين من موظفيه، فينشغل بنصب المكائد والفخاخ في حروب يغلب عليها طابع الخديعة والمكر، معتقداً أنه يحمي نفسه وكرسيه بهذا الفعل، ولا يدري المسكين أنه يضعف نفسه ومنظمته حين يقوم بنخرها وتفريغها من أصحاب الكفاءة الذين لو شجعهم وأخذ بأيديهم لأضافوا للمنظمة وله شخصياً قوة يفتقدها!. . المدير الضعيف لا يستطيع -أو قل إن شئت لا يريد- التفريق بين الموظف الجيد والسيىء، كونه يعتمد معايير مختلة للتميز الوظيفي، فيعمل على إبعاد المميزين والأقوياء مقابل إحاطة نفسه بالموظفين الضعاف الذين يقدمون له الولاء والسمع والطاعة العمياء، ولا يشكلون خطراً عليه، متجاهلاً أنهم بطانة رديئة، تتحول مع الوقت إلى (شُلل) من المنتفعين الصغار الذين يقدمون مصالحهم الخاصة على المصلحة العليا، في بيئة لا يمكن معها توقع تطوير حقيقي في المنظمة التي غالباً ما تسير في حدها الأدنى من الجودة والكفاءة والتميز!. . فارق كبير بين المدير المرن والمدير الضعيف، فالأخير لا يستطيع مواجهة رؤسائه بحاجات منظمته وموظفيه ولا يشعر العاملين معه بالأمان الوظيفي، ولأنه كثيراً ما يختبئ خلف (تواضع متصنع) ومبالغ فيه -وهذه ضرورة يتطلبها ضعفه وعجزه-، فإنه يكثر الكذب والوعود، ويواجه المشاكل بالانطواء على نفسه، ونظراً لأن هذه الشخصيات تفتقد للإنجازات -بطبيعة عجزها- فهو دائم البحث عمَّن يمجده ويطبل له! . . بقي أن أقول إن أكبر خطأ يمكن أن تقع فيه أثناء التعامل مع هذا النوع يحدث عندما تحاول استنهاض همته، وحثه على اتخاذ موقف قوي مغاير لطبيعته،لأنه حينها سيعتبر هذا كشفاً لعيبه الذي يظنه يخفى على الناس، سيسرّها في نفسه، ولن يتورع عن ارتكاب أي حماقات كي يسترد ورقة التوت التي يظنها تستر ضعفه!.