من المفترض عقلاً أن يتّصف المُدير في المجتمع الوظيفي بمواصفات قيادية ليس الضعف أحدها، لكن صفة الضعف، ماهي إلا إشارة إلى اتصافه بصفاتٍ أشدّ إزعاجاً وسلوكياتٍ أكثر ابتذالاً. ونتيجة اختلال أنظمة تعيين المديرين والمسؤولين، وكجزء أصيلٍ من منظومة الفساد الإداري، يتبوّأ بعضهم مناصبَ مُتقدّمة في السلّم الإداري، بغض النظر عن كفاءاتهم، فأحدهم يكون ذا شخصية مهزوزة واهنة، يتخذ معظم قراراته المتخبطة بحسْب ما يسمعه لا ما يراه ويتأكّد منه، ويتعامل مع موظفيه بسوء التقدير، ويحاول إبقاء الوضع المهني والتنظيمي كما هو عليه، لقصور فكره عن مواكبة التطوير، وحرصه على عدم فضح تخاذله عن الدفاع عن حقوق الموظفين، ويلجأ في الوقت نفسه إلى أسلوبيْ التهديد والوعيد وسرقة أفكار وجهود غيره من الموظفين، ويقرّب إليه أهل الولاء الشخصي ويبعد عنه أهل الأمانة، ليحاول التغطية على نقص معنوياته وقدراته، لكنه وفي الوقت نفسه، يتعامل مع مرؤوسيه باستكانة وخنوع وطاعة عمياء وإذعانٍ كامل، مُقدّماً مزاجهم الشخصي ورضاهم عنه فوق كلّ اعتبار أخلاقي أو مهني، فهو لم يؤته الله بسطة في الفن الإداري ولا التعامل الإنساني. ويتجنّب «المُدير الضعيف» التواصل المُباشر مع موظّفيه لخوفه من مواجهتهم، فيضطر إلى وضع السّدود الإدارية والحواجز السكرتارية والمطبّات النظامية، لعزل نفسه عن جمهور الموظفين والمراجعين، ويلجأ لتفويض غيره لأداء ما يجب عليه، بإصدار أوامر ضبابية من مكتبٍ واسعٍ وكرسي وثير لا يليق بضعفه وقدراته البائسة، فقد لبس ثوباً أوسع من حجمه الحقيقي، وارتقى مرتقىً صعباً ليس له كفؤاً، فهو يسعى ليل نهار لمحاولة تثبيت كرسيه المهزوز، وإقناع من حوله أنه أهلٌ له. وصفة الضعف هنا تلفت النظر إلى صفاتٍ أخرى لا تنفك عن «المُدير الضعيف»، تختلف من واحد منهم لآخر بالدرجة وليس النوع، من بينها الغباء الإداري والاجتماعي، والنرجسية المَرَضية، والانتهازية والوصولية، وحبّ التسلّط وهوس التكسّب من وراء المنصب، وغيرها من الاضطرابات الشخصية والنفسية التي تكون وبالاً على المنظومة الإدارية والموظفين، ما عدا المُنتفعين منهم والمطبّلين والوصوليين من حوله . وختاماً، أخي المدير والمسؤول: لا تكن مثل المدير الضعيف، أعطاه المنصب قيمته، فلما ذهب المنصب، ذهبت قيمته.