أعيدي إلى الروحِ ماءَ الحياةِ، وزيدي الغوايةَ، زيدي، ولا تسرفي في التبتّلِ، حتى نشدَّ وثاقَ الحديثِ، ونرسم للحبِّ تاجَ الكلامْ. * * * على وجعٍ يستفيقُ الصباحُ إذا ما تلكأتِ في الصحوِ، إنْ لم تكوني إلى القلبِ أدنى من الضوءِ، إنْ لم تكوني كوِرْدِ الصلاةِ، فلا تعرُجي بي إلى مُنْتَهاكِ، ولا تُسكِنيني شتاتَ الغمامْ. * * * سنبكي على غيمةٍ ساورتنا بأفيائها، دون أنْ يلحظَ العابرون الملامحَ تغفو على الماءِ، كنّا وحيدَيْن نمضي سِراعا إلى الظلِّ، كنا وحيدَيْن نثملُ.. نثملُ بالرقصِ من لذّةِ الكيفِ حين أفقنا، وكنّا وحيدَيْن إلا من الوجدِ أسرى بنا كالمُدَام. * * * نخطُّ على الرّملِ أسماءَ من علمونا الكنايةَ، قلبين لم ييأسا من جَفاءِ المناخِ، عيونا تراقبُنا حين كنّا قريبيْن من شهوة الطينِ، أقدامَنَا حين تخطو إلى الغيبِ هَونًا، ووردًا سنُهديه في موعدٍ للغرامْ. * * * سنرحلُ في الفجرِ عن أعينِ الباعةِ الجائلين، عن الطرقاتِ التي وشمَتْنَا بمن لا نراه سِوى في السجلاتِ، نرحلُ عن ضفةِ البحرِ حتى تخفَّ الملوحةُ، عن رغبةٍ ما... ستُفضي إلى رحلةٍ في الظلامْ. * * * تقول: إذا ما تراءتْ لنا عتمةُ الليلِ، هيئ كتابًا نسجّلُ فيه انفعالاتِنا من قدومِ الأخلاءِ، هيئ لنا منزلًا في الخلاءِ على علّةِ الوقتِ نمضي إليه، وهيئ شموعَ اللقاءِ الأخيرِ، فلا نستعيرُ من الشمسِ وحدتَها في الوجودِ، تقول: ابتدأنا نرقُّ لمن عاتبونا على أنّنا لم نرُدّْ السلامْ. * * * لها مثلُ ما لي من الصمتِ، حين اختلسنا الأغاني، وعُدنا ندندنُ بالشعرِ كي نستفيقَ من الصبِّ، نقرأُ بعضَ الرواياتِ عن موطنٍ في الخيالِ، وعن فكرةِ الخلقِّ في منهجِ المُلهمين، وعن خلوةٍ في المنامْ. * * * لها مثلُ ما لي من السرِّ، نُفشي لأقرانِنا بعضَ ما يستلذونه من تفاصيلَ في سيرةِ العاشقين، ونُخفي الذي لا يقالُ، ولا نحتفي بالحوارِ الذي شذّ عنه المقامْ.