تمثل ثقافة أي منظمة أو شركة مجموع القيم والممارسات المشتركة التي تتحكم بتعامل أفرادها مع بعضهم البعض ومع الجمهور الخارجي، وتمثل هذه القيم المبادئ الإرشادية والمعايير والمقاييس التي يستخدمها المجتمع لتحديد الأنواع المناسبة من السلوكيات والمواقف والتصرفات. وتعتمد قدرة ثقافة المنظمة لتفعيل وتحفيز موظفيها وزيادة الفاعلية التنظيمية لديهم على قدرة هؤلاء الموظفين على فهم وتعلم قيم هذه المنظمة واستيعابها والتجارب معها. ويتوجب على الموظفين الجدد تعلم المبادئ والمعايير التي يسترشد بها الموظفون الأقدم في سلوكياتهم وعملية اتخاذ القرار لديهم. وقد يتعلم الموظفون الجدد هذه القيم بصورة غير مباشرة عن طريق مراقبة سلوك الموظفين القدامى واستنتاج السلوكيات الواجب اتباعها ولكن هذا يحمل في طياته خطورة تعلم سلوكيات غير مقبولة في المنظمة لذلك يتوجب على المنظمة نفسها أن تعمل على قولبة أو موالفة الموظف الجديد على فهم قيمها ومعاييرها وهو ما يطلق عليه غاريث جونز مصطلح (Socialization) أو ما يمكننا تسميته بالاستئناس. فالاستئناس يجب أن يبنى على أساس تعليم هذه القيم بالشكل الذي يؤدي إلى تشجيع نموذج مثالي من السلوكيات يساعد على تحقيق أهداف المنظمة يكون الموظف فيه مبتكراً مبدعاً يبحث عن الحلول ويجرب ويختار الأفضل منها وليس استنساخاً يكون الموظف نسخة عن غيره مطيعا ومحايدا أمام التعليمات والأوامر والعمليات. ويصف شاين Schine: الطريقة الأولى ب(الفردية) أما الثانية: فيصفها ب(الشمولية) وقد يكون استقى هذا الوصف من النماذج السياسية التي كانت قائمة في النصف الأخير من القرن الفائت، وقد أثبت هذا التقسيم فواضيته بحيث يحتوي كل منها على تكتيكات متضادة تؤدي كل منها إلى نموذج مختلف يؤدي بدوره إلى مصير مختلف للمنظمة. فحين يقوم النموذج الشمولي على إيجاد موظف يكون نسخة عن زملائه، ذات طاعة عمياء، يتبع التعليمات والقوانين بحرفيتها وحذافيرها بدون النظر إلى روحها، يقوم النموذج الفردي على السماح للموظف وتشجيعه على الإبداع والتجربة والنقاش وإبداء الرأي للوصول إلى أفضل السبل التي تحقق أهداف المنظمة بحيث يعيش تجربته الفريدة بعيداً عن النمطية ما يخدم وجود ثقافة إيجابية داخل المنظمة يراها أفرادها بالدرجة الأولى وتنعكس مباشرة على جمهور المنظمة وخدماتها. ونظرة فاحصة من كل مدير على منظمته وموظفيه قد تساعده على إعادة النظر في ثقافة هذه المنظمة وتوجيهها نحو الإيجابية.