تحت عنوان: (النجاح المعلَّب) استعرضت الكاتبة رقية الهويريني فيما كتبته يوم السبت 28-12-1426ه عن أسباب فشل العملية التعليمية والتربوية في المدارس ومثَّلتها بنموذج المعلمة (رجاء) التي ترى أن مفهوم التيسير في الامتحان يعني تغشيش الطالبات في القاعة.. وأود أن أضيف على ما ذكرته الكاتبة بعض الأساليب الخاطئة في التعليم مثل غياب المعلمات أو عدم الأمانة في شرح الدروس (وسلق المنهج) وما يتبعها من تغطية المعلمة لذلك النقص بالإيحاء بأسئلة الامتحان تارة والتساهل في الملاحظة أثناء الامتحان أو التغاضي في التصحيح تارة أخرى لكي لا يظهر قصور المعلمة بعد النتائج، وأود أن أكمل المشهد الذي ذكرته الكاتبة عن نموذج اللا مبالاة لدى المعلمة (رجاء) لأؤكد أن مدارسنا بحاجة إلى الوصول ببعض المعلمين والمعلمات إلى الوعي الكافي بأن التعليم ليس شهادة فحسب بقدر ما هو مستقبل للوطن كما تطرقت له الأخت رقية وإليكم هذا النموذج. المعلمة (سناء) تختلف عن زميلتها (رجاء) في المبادىء والقيم.. فهي ترى أن العلم من أجل العلم، وأن بناء الوطن يبدأ من تأسيس الفرد علمياً ومن ثم يمكن الاعتماد عليه لتسلُّم مهام البناء، كما ترى أن العلم ليس معلومات، لكنه مهارات وأداة ووسيلة للعمل.. ولأنها تُعلِّم إحدى المواد المهمة للمرحلة الابتدائية التي لا تهواها الطالبات في الغالب فهي تبذل كل ما في وسعها لتوصيل المعلومة، وتبسيطها، وترى أنه ما لم تفهم الطالبة المقرر فالأصلح لها ألا تجتاز المرحلة، إلا أنه في كل عام تجد نفسها في جبهة قتال تناضل فيها منفردة فزميلتها (رجاء) تتخذ مبدأ: يسّروا ولا تعسّروا وتبارك (المديرة) هذا التوجه حيث إن منطقها: لا داعي للضغط على الطالبات فهن ما زلن في مرحلة الطفولة.. أما المشرفة التربوية فهي ترى أن العملية التعليمية تسير إذا وثقت الطالبة أنها ستنجح.. وبالتالي تزداد ثقة بنفسها ويتلاشى عندها الخوف، لأن الخوف يعني الفشل والفشل هو الرسوب بعينه، ثم إن من حقها كمشرفة تربوية أن تقول كلمة: (نجِّحوا) دون أن يعترض عليها أحد لأن النجاح برأيها يؤدي إلى عدم التّسرب من المدرسة، كما أن الرسوب يثقل كاهل الدولة اقتصادياً، وبناءً على ذلك فالمديرة دائماً تغض الطرف عن (رجاء) وترى أنها نموذج للمعلمة الحريصة على الطالبات، ولا تكلفها أعمالاً إضافية وتسمح لها بالخروج قبل وقت الدوام لأنها تبذل جهداً كبيراً في نصح الطالبات أكثر من تدريسهن، والمدرسة تربية قبل أن تكون تعليماً.. بينما تضيّق الخناق وتدقق في كل أفعال (سناء) لأنها تحرص على التدقيق والتشديد وتعاقبها بحصص الاحتياط للمعلمة (رجاء) بعد خروجها قبل الدوام ثم إن المنهج ثقيل ولا بد أن يخفف! صحيح أن إدارة المناهج هي من وضعت المنهج للطالبات وليس المعلمة، إلا أن المعلمة الذكية هي من تحذف أكبر قدر ممكن من المنهج لتيسِّر على طالباتها إن كانت حريصة عليهن وعلى نجاحهن!! ثم من قال إن الطالبة الضعيفة لا تبذل جهداً؟! بلى هي تبذل جهداً كبيراً، لكنه التفاوت في القدرات والفروق الفردية لذا فعقلها وذكاؤها لا يمكِّناها من فهم بعض المواد وبالتالي فهي تعقدت منها مما أدى إلى رفضها أداء الواجبات وإن فعلت فهي تؤديها من غير تركيز. سناء ورجاء في غرفة واحدة.. يمكن القول إنهن صديقات في العمل ومتجاورات في المكاتب ولا يختلفن كثيراً في الآراء العامة، لكن ما أن تبدأ المناقشة حول الطالبات يختلفن دائماً ثم من قال إن العلم والثقافة في الدراسة؟! فهذه المناهج لن يتبق منها شيء في رؤوس الطالبات بعد الامتحان، فجميع معلوماتها ستطير فما الداعي للإصرار على فهم هذه المناهج وحفظها؟ فالتعيلم الحقيقي الذي سيرسخ في العقل هو التعليم الجامعي وما غيره هو تحصيل حاصل!! إن الإحباط المزمن الذي تعاني منه الطالبات الضعيفات هو عدم وجود من يدرك أنهن لن يستطعن استيعاب المادة أبداً، وبالتالي لن تحضر الطالبة الضعيفة إلى المدرسة بانتظام لأنها محبطة، ولن تستطيع المذاكرة اليومية لأنها تشعر بالملل والضيق من المادة ومن معلمة المادة، وقد اتفقت بعض الطالبات مع أسرهن على أن المدرسة ليست ذات نفع سوى أنها الطريق للوظيفة.. وبعيداً عن التعقيدات فإن الانتقال إلى مدارس أهلية أجدى وأنفع حيث هناك تُمنح الملخصات مجاناً وقد تدخل ضمن الرسوم السنوية، والمعلمات في تلك المدارس أقل تعقيداً. وأعود للتأكيد على أننا بالفعل بحاجة إلى إعادة نظر وبرمجة تفكير بعض هؤلاء المعلمين وإحلال فكر نظيف حتى نستطيع - حقاً - إعادة مفهوم الحديث الشريف: (كلكم راعٍ وكل راعٍ مسؤول عن رعيته)!! والسلام..