(أظن أن جيلي وأجيال سبقتني وكذا جيل أبنائي ربما أنهم حدثوا صغارهم بذلك). هي حكاية تراثية قديمة جداً كما كنا نلعبها. لعبة جميلة، سآتي على ذكرها. هي حكاية العنز التي ولدت تيسين، سمتهما حسن وحسين، واحد قضام العيش، واحد لقمته كبر أيش، واحد حتيش واحد بتيش. وكنت أعدهم فأجدهم ستة، (وذلك لأنني أعد صفاة التيسين صغاراً أيضاً).. هؤلاء التيسان الصغيران، تقفل عليهما أمهما الباب وتذهب لترعى وتأتي لهما بالمرعى وبضرع مليء بالحليب، وتضع حشيشاً على قرنيها. كانت ترافق القصة صور، الأم تقف عند البال وتدقه بأحد أرجلها، وتقول لهما: افتحوا الباب، أنا أمكم أتيت بقرن مليء حشيّش، وضرع مليء باللبن. وتعطي علامة للصغار، أن تمد لهم رجلها ليميزا رجل أمهما عن رجل الذيب الذي تحذرهما منه دوماً. وكان الذئب يراقبها ويتدرب على تقليد صوتها حتى ظن أنه تمكن ذات اليوم من صوتها، تمضي القصة جميلة تبين دفاع الأم عن طفليها اللذين أكلهما، ومضى لينام وبطنه منتفخ بالتيسين الصغيرين، تشق الأم بطنه وتستخرج صغيريها لا تٍسالون كيف، الحكاية (السبحانة) تفعل كل شيء خارج المنطق والعقل. لم نكن نكتفي بالحكاية إنما نلعبها أيضاً، أطفال غالبا بنات على جهة وبنت تكون أكبر حجماً من البقية، تقف في المقدمة إنها الأم. بالمقابل الذب الشرير الذي يحاول أخذ طفلة فتقف الأم له مزمجرة وتطرده. نستمر هكذا بين كر وفر يصرخ الذئب، أنا الذئب وأكلكم، بينما يسجل الصغار صفاً متراصاً خلف الأم يتحركون بحركتها وهي تجيب (وأنا أمكم وأحميكم). هل عدت طفلة؟ فعلاً لم تغادرني الطفولة، ولكن هناك سبب آخر هو أحفادنا لم يعودوا يعرفون الكثير عن حكاياتنا الشعبية، لكنهم يتابعون تلك الحكايات العالمية وغالباً غربية تحكى باللغة الإنجليزية. لذا فكرت بأن لا بد من إعادة تلك القصص الجميلة بإخراج حديث يغري الصغار بالقراءة من جهة أو متابعتها عبر طريقة الرسوم المتحركة، بحركة جميلة ورقصات تجذب الصغار حيث هناك منافسة قوية مع حكايات ورقصات الرسوم المتحركة عبر اليوتيوب. إنها يوم المرأة 8 مارس. والمرأة هي الأم والوطن وحامية الأجيال، وأهم شيء حمايتهم من ذئاب النيل من الثقافة الأصلية ثقافة التواتر والتدوير في حياتنا اليومية، فلا جذور لنا بدون البناء على تراثنا وتاريخنا خاصة ونحن نجد هجمة كبيرة من أناس منا وفينا يريدون حرق الكثير مما آمنا به وعملنا به وتعاملنا معه في حياتنا الخاصة والعامة. أستاذنا عبد الكريم الجهيمان كتب قصصا جميلة (سباحين) باللهجة النجدية عموماً، وكان هناك مشروع جمع الحكايات الشعبية في مملكتنا الجميلة والمتسعة (لا أدري ماذا حصل له). ولا شك أنه سيكون فسيفساء جميلة من قصص شعبية من كل مناطقنا حيث تختلف التضاريس كما تختلف الروايات حسب اللهجات وتكون تقريباً للهجاتنا الشعبية على امتداد وطننا الواسع. يوم المرأة 8 مارس يحفز بنا الأمومة، أمومة كبر الوطن. أمومة العمل والعطاء والحب والحقوق فمن حقنا أن نحب وطننا ونحب تراثه وصغارنا امتداد لذلك. وكل عام والجميع بخير وأم العنزين فينا تحفظ صغارها من كل الذئاب..