لا أُكذّب هذا الأمر؛ فأنا بالفعل من أولئك الذين يشعرون به، ودائمًا ما يكون على صواب! لستُ أدري إن كان هذا (حدس المرأة المعروف)، ولكن كلّما نغزني حدسي على أمر ضبابيّ الرؤية، وتتبّعتهُ، وجدتهُ مع الأسف صحيحًا وواردًا. «مع الأسف»؛ لأن هذا الحدس غالبًا لا يظهر لي إلا في الأمور التي أخشى حدوثها؛ فأُفاجَأ بأنّي أرى وأنا لا أريد تلك الرؤية! أثبتت بعض الدراسات أن الحدس موجود لدى النساء فعلًا، وأكدت أنه يظهر لديهن وهنّ أجنّة في رحم الأم! هناك نصائح كثيرة تتراكم على آذان المرأة أن تنبّهي لهذا الشعور، ولا تتجاهليه؛ فنسبة الصواب فيه قد تقودكِ للجنون من هول وضوحها. ولأنني اكتشفتُ أن هذا الأمر الصائب قد يؤذيني فعلًا قررت عدم الحديث مع هذا (الحدس) المؤرّق، وأكتفي بواقع الأمور التي تراها عيناي برؤية واضحة، لا يشوبها الضباب. وبالمناسبة، يرى الكثير من الرجال أن هذا الأمر يُعتبر خللاً عند النساء لاعتمادهن على الحدس بدلًا من العقل، وأنها تعتمد على حدسها في جلّ الأمور بسبب قلّة تجاربها الحياتية؛ فلا تملك إلا أن «تشعر أو تتوقع، أو تتبع حدسها»! وأنا أرى أيها الرجل أن خوفك من حدس المرأة الصائب غالبًا جعلكَ تتوارى خلف هذه العبارات النافية حتى تتجاوز مرحلة الخطر الجزيرة_الجزيرة. هذا الأمر الجلل أشغل عقول الفلاسفة، وجعلهم يدرسون هذا الأمر لغرابته. قال إرم نيوز: «الحدس وميضٌ من معرفة عفوية، لا يخضع لوظيفة العقل. في حين - وفقًا للطريقة الأفلاطونية المحدثة - الحدس كمنتج في العقل البشري، لا يمكن تفسيره بعقلانية، يتعلق بمعرفة فائقة، تكمن في نفس منطق السبب والنتيجة، أي معرفة فطرية، ولا يتم الحصول عليها». كما قال إبراهيم البليهي: إن الحدس الخارق نتاج الاهتمام المستغرق! وأنا تمامًا أتفق معه في هذا الوصف، كما أني لا أُعارض ما قاله الفلاسفة؛ فأمر الحدس أمر طائل، من الصعب أن تتفق عليه جميع الدراسات وجميع المقولات؛ فهو ليس أمرًا ثابتًا؛ لذلك أرى أن جميع ما يُقال عنه مجرّد اجتهادات؛ قد تحتمل الصواب، وقد تحتمل الخطأ، وقد تكون بين ذلك وذاك؛ لأنه يختلف من شخص لآخر. هل يتحدث معك الحدس في الأمور الإيجابية؟ نادرًا ما يفعل ذلك بالوضوح ذاته الذي يفعله عند الأمور المظلمة. ولكن بإمكاني مع الوقت أن أروّض ذلك الإحساس، وأدفعه للإيجابية الكاملة؛ فلستُ كغيري من اللاتي يبحثن عمّا لا يظهر في واقع حياتهم بشكل واضح. استشعري السعادة أينما كانت، وأخبري حدسكِ إن كان كالشيطان الرجيم فإن مصيره الهلاك بالتجاهل. كثيرة أمور الحياة التي تستحق منّا لحظات اهتمام واستشعار وترقّب. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ...}. وهذا تحذير صريح وبالغ الوضوح من رب الأرباب؛ فلمَ نبحث عمّا لا يظهر؟! ** ** - شهد النجيم