ظلَّت صورته في ذاكرة «الإعلام» حدثًا.. وبقيت طلته في استذكار «المشاهدين» حديثًا.. من جيل المؤثرين، ومن رعيل الرواد.. اقترن صوته بالمسابقات المتلفزة فكان «حكمًا» يمتلك صفارة «الاشتياق» ورأي الجولة، وحكيمًا يحول «المادة التلفزيونية» إلى وجبة لكل الأذواق.. فكان وجهًا مستديمًا لسنوات «الفرح» وحنين «الماضي». إنه الإعلامي الشهير المذيع حامد الغامدي أحد أبرز المذيعين السعوديين، وأشهر مقدمي برامج التلفزيون السعودي في السنوات الماضية. بوجه وسيم، وأناقة متنوعة، ترتسم بارتفاع غترة بيضاء مرسومة على جانبي محيا ممتلئ بالنباهة، عنوانه عينان مشعتان بالإنصات، وكاريزما باهية زاهية، تعتمر زيًّا وطنيًّا فاخرًا، وخطاب قويم مكتظ بعبارات فصحى محبوكة، مع ابتسامة بيضاء ولهجة متشعبة، ولغة مشبعة، طل الغامدي نحو 3 عقود في شاشات التلفزة منذ بداياتها؛ إذ كان «لونًا فريدًا» و»لحنًا منفردًا» في صبغة مذيع، امتلك سمات «الدافعية المجازفة والشعبية الجارفة»؛ فانغمس في مداد التاريخ بذكرى عطرة، ظلت تعتق أجواء رمضان، وتنسق أضواء الشاشات في سنوات خلت، لا تزال تضيء ركنًا من ذاكرة أجيال عديدة، ورواية من الزمن الجميل، كان فيها البطل والفارس. في الباحة الزاخرة بتخريج الفضلاء والأكفاء وُلد وعاش وتشربت روحه بخضرة المشهد في الغابات وعراقة التراث في الجبال وبياض السريرة في ملامح «المسنين» وحياض النعم في جداول الطبيعة؛ فتشكلت شخصيته المنجذبة إلى مرابع قومه ومراجع أسرته؛ فنشأ مخطوفًا إلى اللحن السماوي في صوت الرعد وصدى البرق في جبال السراة، مسجوعًا بتربية والدَيْن فاضلَيْن، علَّماه مآثر الفضل، وأثر الفضيلة؛ فتربَّى في كنف «البراءة» وفي حضن «الفطرة»؛ فرعى الغنم، ومارس التجارة باكرًا متكاملاً مع كمال جيرة القرويين وجمال مسيرة البسطاء وأحلام الشرفاء. تشكلت في ذهنية «الغامدي» حتمية الدافع وهيمنة الأمنية، فصبها في قالب «أحلام»، سطرها كبطولات نهار في إذاعته المدرسية، وحكايات «مساء» وضعها في حضرة والدَيْه؛ فكانت الخطوط المتينة التي كتب بها في مذكراته «الأولى» الاسم والعمر والهوية والهواية والأمنية؛ فخطها حرفًا، وخطفها «حرفة»، قادته ليسجّل اسمه في أذهان الجمهور وإتقان السطور التي نقلها صوتًا وصورة كبصمة فضائية، احتضنها أرشيف «العطاء»، واختزنتها تواصيف «الأداء» في مرحلة كانت مَعْلمًا على الإبداع والإمتاع، ونبعًا للتدريب والتأهيل، ومرجعًا للاقتداء والاحتذاء. سيرة دراسية منوعة متنوعة؛ إذ درس الغامدي بالمعهد العلمي بالباحة، ثم حصل على بكالوريوس اللغة العربية من جامعة الإمام محمد بن سعود، ونال بعدها الماجستير في سياسة الإدارة الإعلامية من أمريكا. عانق الغامدي المراكز الأولى؛ إذ حصل على (المركز الأول) في دورة تخصصية في (اللغة العربية والإلقاء) من مصر، وحصل على المركز الأول وشهادة التميز في المركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني بدمشق، ونال المركز الأول بوصفه أفضل مذيع في عدد من الاستفتاءات الصحفية في المملكة والخليج. ورافق الغامدي العديد من الوفود الرسمية للملوك والأمراء في زيارات رسمية للخارج، وعمل معدًّا ومقدمًا لبرامج المنوعات والمسابقات، منها: سباق المشاهدين، مسرح المسابقات، سباق مع الساعة، مجلة التلفزيون، ما يطلبه المشاهدون، اخترنا لكم، مشوار الثلاثاء وشريط الفنون. واشتُهر بتقديم برنامج المسابقات الجماهيري (سباق المشاهدين) الذي انطلق في عام 1998م، واستمر حتى عام 2004، ثم توقف سنوات عدة، وعاد مجددًا أعوام 2009 و2010 و2011م. وعمل الغامدي فترة مع محطة إم بي سي. كان الغامدي مجذوبًا إلى أصداء حناجر عباقرة «التلفاز»، وحضور أبطال «التقديم»؛ فارتكن إلى إضاءات عوني كنانة، وإمضاءات عبدالرحمن يغمور، وهدوء محمد كامل خطاب، وابتسامة جميل سمان، وجدية ماجد الشبل ورونق الحضور المدهش.. فتربع على كرسي الأخبار، وكان قاضي الفضاء الذي أسس برامج المسابقات الفضائية، ومحامي المتصلين، وأنيس الشاشة طيلة عقود في نسخة لن تتكرر ظلت «مجدًا منافسًا» وعتادًا تنافسيًّا في تاريخ الإعلام. يتكئ الغامدي على سند التاريخ الحافل لمسيرته المتوجة بشهود عيان، وحقيقة رهان بتوقيع مشاهدين ومتابعين ومتلقين، كانوا شاهدين على السنين التي كان فيها روح الذوق الأصيل، وبوح التذوق النبيل لبرامج احترافية وبصمات في لوحة الشرف التلفزيوني، وإنجازات في سجل الفخر الإعلامي.