يمتلك المذيع سلامة الزيد خبرة إعلامية طويلة تنقل خلالها بين الصحافة والإذاعة والتلفزيون, مقدماً برامج مهمة مثل البرنامج الإذاعي الشهير "صوتك وصل" وبرنامج "مباشر" وغيرها. ونظراً لأنه يشغل حالياً منصب المستشار الإعلامي وكبير المذيعين في هيئة الإذاعة والتلفزيون فقد حملنا إليه أسئلتنا عن واقع الإعلام السعودي الحكومي والخاص في ظل الطفرة التي يعيشها في السنوات الأخيرة. وأجابنا بصراحة وشفافية في هذا الحوار: * بداية كيف ترى واقع الإعلام الخاص حالياً.. وهل هو مؤثر -إذاعياً وفضائياً-؟ - هناك فرق بين أن يمتلك الإعلام الخاص رجل أعمال مستثمر وبين أن يمتلكه إعلامي متمرس ومستثمر أيضاً, لكن يبدو أن الإعلاميين مازالوا في خانة الفقراء وهذا قدرهم, لذلك تركوا مكانهم لبعض رجال الأعمال الذين لا يمتلكون رؤية إعلامية صحيحة, وهذا برأيي سبب غرق كثير من الإذاعات والقنوات الخاصة بالبرامج السطحية الاستهلاكية التي لا تناقش قضايا جادة ترتبط بمنطلقات وطنية. أنا هنا لا أعمم بل أقول إن هناك محاولات إعلامية جيدة ورغم ذلك تبقى الغالبية من القنوات والإذاعات الخاصة سطحية ولا تقدم محتوى جيداً يخدم الوطن, وتأثيرها سلبي, وهذا طبيعي لأن أصحاب القرار في هذه القنوات غير سعوديين ولا يفهمون الاحتياج الفعلي لأبناء الوطن. عبدالرحمن الهزاع * وماذا عن مذيعي ومعدي البرامج في الإذاعات الخاصة الجديدة؟ - لن أمارس دور الأستاذ بل أنا التلميذ الذي مازال يتعلم حتى من الجيل الجديد لكن في ظل ضعف المساحة المتاحة للمذيع والتي تسمح بالحكم عليه بموضوعية يكون التوجيه ممارسة عبثية, خاصة أننا نخاطب جمهوراً أكثرهم بلا ذاكرة تحفظ للإعلامي قدره ومكانته, وهذا يذكرني بقول للأمير بدر بن عبدالمحسن قبل سنوات عندما غابت نصوصه الجديدة, وكنت مشرفاً على ملحق اليمامة الفنية, حيث قال لي "أصبحت الساحة وكأننا في ميدان سباق مهما بذلت الخيل من تميز تنتهي كلها بالمركز الأول!".. وأضاف "ألا استحق أن يقرأوا نصوصي السابقة ويتأملوا معانيها وصورها", وإعلامياً ناضلت صحفياً وتلفزيونياً وإذاعياً وعندما أغيب تحت أي ظرف أخشى أن في ذاكرة الجمهور, رغم أنني أزعم أني قدمت ما لم يقدمه مذيع سعودي, ومع ذلك يتم تكريم أسماء بلا بصمات في فعالياتنا الوطنية فكيف بالله عليك أعطي نفسي حق توجيه زملائي؟!. لكن أذكر أن المخضرم الكويتي ماجد الشطي قال لي بعد أن ألقيت محاضرة على مذيعات ومذيعين جدد بتلفزيون الكويت أنه من جيل أخذ وقته قبل أن يظهر على الهواء وأمضى سنوات قبل أن يقرأ نشرة الأخبار والآن يقرؤونها بعد شهر من إجازة أصواتهم. وما أتمناه من المذيعين الجدد أن يدركوا أن الإعلام مساحة بين خطين أخضر وأحمر فليحذروا السقوط تحت الأخضر وليقتربوا باحترافية من الأحمر دون المساس به قدر المستطاع وكل ذلك بروح وطنية صادقة, وليخاطبوا المتلقي بتواضع وبساطة تحفظ الهيبة ولا تقطع الخيط الرفيع بينهما وليمارسوا العمل بمهنية عالية. * بعد تحول الإذاعات السعودية الرسمية إلى الهيئة الجديدة هل طرأ تغير جوهري عليها؟. - قالوا لنا في أكاديميات الإعلام أن عصر الإذاعة توارى ولكن للأمانة وبالتجربة استطعنا أن نلوي الأعناق إلينا بقوة وكمثال كانت متابعة برنامج صوتك وصل (مباشر fm) تتم من الشاشات عبر الساتالايت بل إن مسؤولين قالوا لي أنهم كانوا يتعمدون أن يكون مشوارهم بالسيارة وقت بث البرنامج ليستمعوا إليه بتركيز, وأزيدك أن برنامج المسابقات "البوصلة" جاءته مشاركات من تسع دول عربية رغم ضعف الجوائز, وللأمانة لم يكن هذا النجاح للإذاعيين بفضل الإدارة دائماً بل بحماس الإذاعيين ومثابرتهم على التميز رغم الإحباط الإداري الذي لا ينتهي, لكن مساندة القيادات العليا تبقي بعض الأمل وتدفع للاستمرار. أعتقد أن الهيئة الجديدة قادرة على تقديم الكثير وقضية النجاح ترتبط بقوة الطرح والموهبة في الوصول لوجدان الناس, ولأن أبرز محطاتي الإذاعية كانت في عهد الصديق عبدالرحمن الهزاع الذي كان يتحمل عني ردود الأفعال على برامجي فإنني أجزم أننا سنحقق الكثير بعد أن أصبح رئيساً للهيئة. * بصفتك من أنجح مذيعي برامج المنوعات ماذا تقول في ما يقدمه التلفزيون في هذا الاتجاه؟. - من عيوب برامج المنوعات في الإذاعة والتلفزيون السعوديين السقوط في فخ التشابه فبمجرد نجاح برنامج يذهب البقية للدخول على خطه أملاً بالنجاح, كما أن التعاطي الإداري سابقاً لا ينصف المتميزين بل يسعى لإبعادهم وعدم دعمهم, علماً بأن تكريس نجومية الإعلامي عامل رئيس من عوامل نجاح القناة ووصولها للناس دون أن نبخسه حتى حقه المادي. هذا التوجه الإيجابي سيكون قاعدة العمل في الفترة المقبلة بحسب ما سمعته من الأستاذ عبدالرحمن الهزاع, وهذا ما تمنيناه طويلاً, خاصة لبرامج المنوعات التي لا تنمو إلا في بيئة إيجابية ملؤها التقدير والاحترام, لذا أنا متفائل بما سيقدمه التلفزيون في هذا الاتجاه المهم الذي يصنع النجوم ويحتضن المواهب في كل الفنون, ولعلي أستشهد بتجربتي في برنامج "أوراق ملونة" الذي قدم نجوما للساحة وصنع أسماء تتصدر المشهد الفني, ويكفي أن أقول إن انطلاقة فكرة طاش ما طاش جاءت من خلال المشاهد التي صورناها في هذا البرنامج.