انتهت الانتخابات، وذهبت الكراسي والحقائب إلى حيث اختار الناخبون بالأكثرية، وفوز طرف ليس تقليلاً من طرف آخر، فهي في النهاية خيارات تتقاطع فيها المصالح والبرامج والقناعات والعلاقات والأهداف، وكل ما يأمله الشارع الرياضي أن تكون الانتخابات الأخيرة قد أتت بمن يستطيع قيادة الكرة السعودية خلال السنوات الأربع الماضية، وينجح في علاج الأخطاء التي وقع فيها الاتحاد السابق، وأن تعود الكرة السعودية سيرتها الأولى مع الإنجازات والألقاب التي لم ينجح الاتحاد السلف في تحقيقها طوال سنواته الأربع. الانتخابات الأخيرة كشفت نضج فكر المترشحين والناخبين والقائمين على الشأن الرياضي، وكشفت تطور اللعبة الانتخابية، وعدم مساومة الأندية على حقوقها، ولا قبولها برأي غيرها وما يتعارض مع مصالحها، كما كشفت أيضاً أن الأندية تعرف جيداً من يخدمها، ويسهم في تحقيق أهدافها، وأنها لم تتأثر بالحملات الإعلامية التي طالت الكثير من المترشحين، ليس على كرسي الرئيس وحده بل على كراسي اللجان أيضاً. والانتخابات كشفت أيضاً أن اختيار فريق العمل جزء لا يتجزأ من شخصية الرئيس المترشح، وأن اختيار الفريق الانتخابي الجيد القادر على الإقناع بما قدمه سابقاً، وما ينتظر أن يقدمه لاحقاً، وبخبراته وتجاربه، أمر من شأنه أن يعزز حظوظ المترشح ومن شأنه أن يسهم في تراجعها. والانتخابات كشفت أيضاً عن بعض العقليات الإعلامية، التي لم تنفك عن التقليل من المترشحين ومن المؤسسة الرياضية الرسمية والقائمين عليها، وتوزيع الاتهامات عليهم، والتشكيك في أمانتهم، وهي اتهامات لا تقوم على دليل، وإنما يدير محركاتها أمران لا ثالث لهما العاطفة والجهل. فاز عادل عزت في الانتخابات وانتهى الأمر، وسط قناعة تامة من منافسيه ومن الناخبين، لكن بعض الموتورين في الوسط الرياضي لا يريدون له الاستقرار، ولا يريدون لمن حاز ثقة الأغلبية العمل في جو صحي، وبدء مرحلة جديدة للرياضة السعودية، وما من حل لمثل هؤلاء إلا التجاهل وتجاوزهم كحجر صغير في قارعة الطريق. أمام اتحاد الكرة تحديات لا تنتهي وملفات عالقة، وفي ذمته وعود يجب أن يحيلها إلى واقع أمام الناخبين، ليس الأمر مجرد نزهة في أروقة الاتحاد، وبناء علاقات وتحقيق شهرة كما يظن البعض.. لقد انتهت نشوة الفوز والفرحة بالثقة، وحتى المرحبين بالأسماء الجديدة والذين هللوا لقدومها سينسون ذلك كله ويسألون: أين عملكم وما وعدتمونا به. لا يريد الناس من عادل عزت وفريقه أن يقف أمام الجمعية العمومية بعد أربع سنوات ليقول حققنا وحققنا ووضعنا وشرعنا وقضينا ووصلنا، فليس هناك أسهل من تحقيق الإنجازات على الورق، الناس تريد عملاً تشاهده على أرض الواقع، وإنجازات تتحدث نفسها، وبطولات يتزين مقر الاتحاد بكؤوسها. أبعدوا الحكام عن رئاسة لجنتهم ما من لجنة تحدث عنها الرياضيون مثلما تحدثوا عن لجنة التحكيم وشؤونها، ومن سيديرها في عهد اتحاد الكرة الجديد خلفاً لرئيسها الحالي - خاصة أن كثيرين يرون أن هذه اللجنة هي الأسوأ في تاريخ كرة القدم السعودية - وتداول الرياضيون عدة أسماء كل يرى أنها الأفضل من وجهة نظره ووفقاً لمبرراته ورغباته وتوجهاته، وكالعادة لم تخرج ترشيحاتهم عن أسماء عدة حكام سابقين. ومن وجهة نظري - وسبق أن قلت ذلك هنا - ان تعيين حكم سابق لخلافة الرئيس الحالي سيعيد التحكيم لنقطة الصفر ويكرر نفس الأخطاء، التي تتوالى منذ عقود وتسهم في تراجع مستوى الحكم السعودي موسماً بعد آخر، حتى بلغ أوهن مستوياته في السنوات الأربع الأخيرة. هنا أرى أن الأفضل هو أن نخرج التحكيم من عباءة الحكام السابقين، الذين لم يفلح بعضهم مع الصافرة ويرشحه البعض لرئاسة اللجنة، وأن نجرب تسليم الرئاسة لشخص إداري متخصص في التطوير والتنظيم، مع تعيين حكم دولي خبير - محلي أو أجنبي - للأمور الفنية في اللجنة.. وهو أمر يحدث في لجان ودوائر أهم وأصعب من لجنة التحكيم!! جربوا هذه المرة أن يدير اللجنة ويعمل على تطويرها وهيكلتها وبرمجتها إداري ضالع حصيف، جربوا فلعل التحكيم يتطور ويتقدم خطوة واحدة للأمام.. وهو الذي كان يراوح مكانه سنوات طوال قبل أن يبدأ في التراجع خلال السنوات الأخيرة. مراحل.. مراحل . نتائج الانتخابات كشفت عن (عقليات) بعض كُتاب الشأن الاجتماعي الرديئة، فقد كانوا يتحدثون عن الأخلاق والمدينة الفاضلة، وضرورة احترام الرأي والرأي الآخر، لكنهم يوم الانتخابات - كما في كل مرة يتحدثون عن الرياضة - خرجوا عن طورهم وكذبوا واتهموا بطريقة لا يقوم بها الصغار!! . لماذا خافوا من التغيير.. ولماذا هاجموه.. وما الذي شعروا به حتى يكون كل هذا الهجوم المحموم؟؟ . اختلفت عباراتهم ولسانهم واحد!! . حاول التدخل.. ونسي أنه لا يقدم ولا يؤخر!!