يوم العناء.. ويهمي على الكون فتات حكايات أيامنا.. ذاكرة .. إما تشيخ بمحض هزال، أو تهرول.. أو تلوذ بعصمة صمت، أو تكون حطبا لسيرة «قد قيل ما قيل» فاستثر ما تبقى من الذاكرة علها تذيب جليد الوعود وتدفئ قصة الواعدين! أو لعل بها من الفال ما يكفي لترسم فجرا بعيدا يعانق أفقا سرمديا هناك.. فليل الذاكرة يسري، وحكايتها تُسَرّيِ عن الخلق بعض الهموم.. ولكنها سانحات دمى الليل لا تستفيق أو تعايش وقت أرق. وحدها العاطفة تسد ثقوب الوعود وتفتح جرح الحكاية، بقلب المتيم والمحب لكل جمال يرق أو شذى يتفصد من عقر زهر.. أو ضياء تسكبها أقمار الليالي فلا بد للذاكرة أن تزف تباشر ما استدق من حكاية الأقربين وجوما، على الأبعدين شرودا فلا غير ذاكرة تنبئ الناس عن فيضها ومداد الحروف لحظة أن ينسكب في فؤاد الجريح وتعيد التفاصيل ورسم المقولة تلو المقولة أمان من الحيف، أو الزيف ف»آفة النقل من الذاكرة» تناسي الرواة لما كان أو سيكون من الصدق والمقدرة. فتحمل ذاكرة اليوم تفاصيل هم يؤرق وحزن عميم ولكنها في تباريح ليل السهاد تعجز أن ترد يأسها وقسوة أيامها.. فتختزن الذاكرة كل التفاصيل ولا يعبأ القول بأن الحياة تسير كذا.. فخذ ما تسنى واترك لسانحة الفكر أن تبتهج أو تذيع بعض أحزانها فإن التفاصيل مثبتة ومحكمة في إسار النوايا.. فلا شيء غير ذاكرة تنز ببعض التفاصيل لتزهد بالقول حينا تثير بنا لاعج اليأس.. فننتظر مكرهين ما سيأتي من الذاكرة أن تقول أو تبوح.. أو تهيل على سمعنا بعض رمل المقولات عن «كان يا ما كان»! - سعود فراج الحميدي