فاصلة: ((هناك أمران فيهما إفراط: ابعاد العقل وعدم الاعتراف إلا بالعقل )) - حكمة عالمية - ماذا كانت أهداف الشاب الأوكراني جان كوم، عندما عمل وصديقه في يناير 2009 على اختراع خدمة الرسائل «واتس اب»؟ باع «جان» التطبيق وكسب الملايين وأكثر، بينما أدمن معظم الناس تطبيقه. «جان» شاب مغرم بالتقنية وليس عالماً نفسياً أو اجتماعياً حتى يدرس آثار تطبيقه على المجتمعات. وبالرغم من أن الواتس اب نجح في إحداث التواصل لغرض العمل إلا أني أجده أخفق في تعزيز التواصل الإنساني، حيث اعتمدت كثير من نقاشات الزوجين أو الأصدقاء على خاصية الاتصال اللفظي. المعروف أنّ ثورة المعلومات والاتصالات والهيمنة الأمريكية والدعاية هي عوامل تؤثر على الاتصال الإنساني.وبالرغم من أنّ الاتصال اللفظي الذي يمارَس في برنامج الواتس اب خاصيته أن يتشارك الاتصال أكثر من طرف.إلا أن هذا البرنامج تحوّل إلى أحد أوجه الشوشرة والإزعاج عبر ازدياد أنواع الجروبات فيه. كنت في الماضي أرى أنّ مشكلتي الدائمة مع المجموعات، أني لا أجد أننا نستثمرها بشكل جيد إلا ما ندر، فالمجموعات عادة أناس غير متجانسين لم يضعوا هدفاً محدداً لهم. بالإضافة إلى انزعاجي من تناقل الأخبار في هذه المجموعات بدون التأكد من صدقها. والتكرار يحدث أثراً لا يشعر به المتلقِّي أحياناً من توجه انتباهه إلى ما يكرر المرسل، كما أنّ الرسائل الضمنية في الصور والعبارات ومقاطع الفيديو تقتحم خصوصية الإنسان. مؤخراً اكتشفت أنّ الدخول في حوارات في هذه المجموعات هي تضييع للوقت والجهد. نحن ببساطة نضيع جزءاً من طاقتنا في الدخول في نقاشات غير مجدية، لأسباب عدّة، منها أن أعضاء الجروب عادة غير متجانسين، وأهدافهم في الاشتراك في المجموعة غير موحَّدة، كما أنهم في الغالب، كطبيعة البشر، يمرون بحالات انفعالية يفرغونها بأيٍّ من الطرق، وبعضهم يفرغها في مجموعات الواتس اب. أعمدة التواصل في برنامج الواتس اب ناقصة، ولذلك يقع سوء الفهم لاعتمادنا على اللغة المقروءة، ومن هنا لا يمكن توفير حوار واعٍ في مسائل جدلية. الحوار الشفهي باستخدام أكثر من حاسة أجدنا نخفق غالباً في إنجاحه، فكيف بحوار في مجموعات غير متجانسة يعتمد على اللغة المكتوبة فقط ؟! معظمنا يعرف أنّ مجموعات الواتس اب، أصبحت منهكة، لكننا بشكل أو بآخر نعجز عن إيقاف هذا الإزعاج في حياتنا، إلا إذا قررنا يوماً ما بشجاعة الخروج من المجموعات فنريح ونستريح.