استقبل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة رؤساء بعثات الحج الرسمية من الدول العربية والجاليات الإسلامية هذا العام. وأكّد سموه في كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة أن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- لا تدّخر جهداً في سبيل تسخير كافة الإمكانات والموارد لراحة ضيوف الرحمن، وتحرص على تطويع التقنية الحديثة لتمكين الحجيج من أداء نسكهم بيُسرٍ وسهولةٍ، مشيراً إلى أن عناية قادة هذه الدولة المباركة ببيت الله الحرام والمشاعر المقدسة في مكةالمكرمة، والمسجد النبوي الشريف في المدينةالمنورة التي هي من أحبّ البقاع إلى الله، هي من صميم رسالة ملوك المملكة العربية السعودية بدايةً من عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله. ودعا الأمير فيصل بن سلمان في كلمته إلى ضرورة اهتمام دُعاة المسلمين في مختلف بقاع الأرض بإيضاح قيم التسامح والتآلف والتعايش السلمي التي دعا إليها ديننا الإسلامي الحنيف، وكانت محطّ اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم عند تأسيس الدولة الإسلامية الوليدة في عاصمة الإسلام الأولى: المدينةالمنورة، فكانت أولى خطواته هي وضع وثيقة تنظّم علاقة أفراد المجتمع. وأشار الأمير فيصل بن سلمان إلى أن الظروف حينها كانت تقتضي حماية هذا المجتمع الوليد، وهو في بداياته غضاً طرياً، وأدرك القائد الفذّ، والسياسي الحصيف، محمد بن عبدالله، أنه لن يحمي المجتمع سوى قيم التسامح والتآلف والتعايش السلمي بين مختلف مكوّناته؛ فليس هناك تعايش سلمي أفضل من أن تعي الدولة الإسلامية في مهدها بخصوصيات كلّ فئة من فئات المجتمع بزعامتها، ومشكلاتها، وأعرافها وتقاليدها. وأضاف الأمير فيصل بن سلمان في كلمته أن معاهدة المدينةالمنورة التي أبرمها النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته كشفت بما تضمّنته من قيم الرحمة، وحفظ الأرواح والممتلكات، والتعاون والتناصح لحماية الوطن، وسيادة العدل والتكافل الاجتماعي، الواقع الذي التزم به الحاكم وجميع أفراد دولته. وقال سموه: منذ بزوغ فجر الإسلام والمدينةالمنورة كانت تطبيقاً عملياً لتعاليم الإسلام في حسن التعايش مع الآخرين، ودليلاً على أن الإسلام دين يقبل الآخر ويحترمه، ويقرّ بالاختلاف بين الناس في أشكالهم وألوانهم ومعتقداتهم. وختم الأمير فيصل بن سلمان كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة بقوله:«هذه هي قيمنا الإسلامية الصافية، التي لا يشوبها شيء، ولا يمكن أن نلصق بها ما يُمارسه بعض المجرمين من عنفٍ وتطرّفٍ وإرهابٍ باسم الإسلام، وهم لا يمتّون إليه بصلةٍ»، نافياً أن يكون مثل هذا السلوك ناتجاً من «دافعٍ ديني أو إنساني، وإنما هو سلوك إجرامي لا يعرف الرحمة، وعقل لا يأتمر إلا بهواه. واستشهد الأمير فيصل بن سلمان في هذا الإطار بالتوجيهات الحازمة والحاسمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- عندما أكّد أن «أكبر تحدٍّ تواجهه أمتنا الإسلامية هو المحافظة على ثروتها الحقيقية، وأمل مستقبلها، وهم الشباب، من المخاطر التي تواجههم، وبخاصة الغلو والتطرّف واتّباع الدعوات الخبيثة المضلّلة التي تدفعهم إلى سلوكيات وممارسات شاذة وغريبة تتنافى مع الفطرة السوية، ومع مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، وثوابت وقيم مجتمعاتنا الإسلامية»، مبدياً حزنه من موقف هؤلاء المنتسبين إلى الإسلام الذين يحاولون العبث بالأماكن المقدسة، فيروّعون الحجيج والمعتمرين والزوار؛ إذ كيف تسوّل لهم أنفسهم ذلك وهم يعلمون حرمتها؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن المدينةالمنورة: «لكلّ نبي حرم، وحرمي المدينة. اللهم إني أحرّمها بحرمك ألا يُؤى فيها محدث، ولا يُختلى خلاها، ولا يُعضد شوكها، ولا تُؤخذ لقطتها إلا لمنشد».