مع شيوع استخدام التواصل الإلكتروني بين تويتر و الواتس آب لا يمكن إلا ملاحظة بعض ما شاع معها من سمات الحوار العام من تدهور في موثوقية التواصل. وأغلبها سمات سلبية؛ إن نفس الرسالة ستصلك من كل مجموعة حوار مكررة عدة مرات, وإن أيَّ إشاعة أو خبر مختلق سيصلك, ويصل الجميع بسرعة البرق, إذ يتناقلها الجميع دون تأكد من صحة الخبر, وتفاصيل إثباته, أو مصدره. ولذلك فإن ما تناقلته مجموعات الواتس آب من أن مدير أي مجموعة مسؤول عما ينشر فيها من أي عضو هو أيضاً مسؤول عن تداعياته إن احتوى ما يضر بالأمن مثلاً, أن يؤلب أو يجند للانضمام إلى جهة خارجية, أو يؤجج لإثارة الطائفية, أو التصدع في المواطنة. وهذا، قد يتفق مع ما أكده خادم الحرمين مراراً عن الالتزام الرسمي بالتصدي لمثل هذه الجرائم وحماية الوحدة الوطنية.. ولكنه كخبر ما زال يفتقد التأكيد الرسمي الواضح إن كان ضمن الجرائم المعلوماتية. ** وهذا يثير تساؤلات أخرى حول علاقتنا كمتعاملين مع قنوات التواصل ومستهلكين لما ينقل فيها، مقارنة بما تنقله القنوات الرسمية الإعلامية الداخلية, والخارجية من أخبار وتغطيات قد لا يجدها البعض متماشية مع رغباتهم و تفضيلاتهم. عربياً أتابع عادة قناة الإخبارية, أو القناة الأولى للاطلاع على أخبارنا المحلية من مصدر محلي معتمد رسمياً, وأتابع الأخبار من مصادر عالمية, أو موجهة عالمياً للاطلاع على كيف تنقل نفس الأخبار من مصادر غيرنا. لن أقول إن مصدراً ما موثوق به بصورة مستدامة أكثر من آخر .. و لكن لا شك أن بعضها أكثر مصداقية, أو حرية في نقل الخبر من بعضها الآخر, وأن مصداقيتها, أو حياديتها في نقل التفاصيل تتأثر بعلاقة الجهة المشرفة عليها بالجهة التي يتعلق بها الخبر, ولذا فإن نقل خبر عن تفاصيل حدث في الأراضي المحتلة لن يأتي بنفس الحيادية من مصدر غربي مهدد بتهمة اللاسامية, ومعاداة اللوبي الصهيوني, أو مصدر عربي لا يرى في إسرائيل إلا كياناً محتلاً معتدياً وعدواً يجب فضح ممارساته دون تخفيف وطأة مقترفاته بتعبيرات مثل «ضربة وقائية» أو «رداً على هجوم ..» أو دفاعاً عن الأمن». ولاشك أن الأخبار من أي مصدر كان لا تعلن كل الحقائق, وأن بعضها ينتظر أن يعلن رسمياً من مصدر مسؤول, حتى لو انتشر الخبر بصيغ متعددة مليئة بالتكهنات والاختلاقات لدى جماهير المتلقين المختلفة التوجهات, والانتماءات, والتفضيلات. هنا أوجّه نصيحة محب لقنواتنا المحلية: أن تحسن اختيار من تدعو للمشاركة في التعليق على الأحداث؛ أولاً: من حيث التوازن في الطرح بحيث لا ينطلق من التحليل المهني فينجرف إلى التكهن. وثانياً: الالتزام بالحوار الحضاري فلا تتحول إضافته إلى كيل لكمات ولغة سباب ممجوج. وإن حدث ذلك ألا تعيد استضافتهم. وثالثاً: أن ينتبه المذيعون للقراءة الصحيحة فكثرة الأخطاء لغوياً, ونحوياً تفقد المتابع الثقة في صحة ما ينقلون. باختصار: موقف المتلقي الجاد هو: أرني كيف تعبر عن رأيك وسأقرر إن كنت سأصدقك أم.. لا. الإعلام فن وعلم دقيق, ومسؤولية وطنية ومهنية.. وقد ينتهي مضيعة للوقت والجهد إن لم يتمتع بثقة المتابع ويحافظ على الحيادية والمهنية ليحافظ على المصداقية.