يعتبر متخصصون أن الإعلام من أقدم المهن بما أن المعلومة تمثل جوهر العمل الصحافي، وانتشارها يجسد الممارسة الفعلية للمهنة بصرف النظر عن تطور قواعدها. فصحيح أن طرق انتشار المعلومات تطورت كثيراً عبر تاريخ البشرية، من الإشارات الصوتية إلى مواقع الويب مروراً بالإذاعة والتلفزيون، إلا أن المعلومة بقيت مركز الثقل. وبالطبع لم تعد وسائل الإعلام التقليدية، التي اتخذ بعضها صفة الإمبراطورية، المصدر الوحيد للمعلومات بعد ثورة الإعلام والتكنولوجيا الحديثة. وباتت مواقع الويب عامة ومواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً تزاحمها، ما خلق تنافساً دعا الصحف إلى إطلاق نسخها الإلكترونية لمواكبة العصر الرقمي. وفي ضوء انجذاب الجمهور إلى مواقع التواصل عملت الوسائل التقليدية أيضاً على استخدامها للترويج لنفسها ولمضامينها.. ولم تتأثر طرق العمل فقط بالظاهرة بل تأثر أيضاً العاملون في مهن الإعلام وتحديداً الصحافيون. يقول عميد كلية الإعلام والاتصال في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالله الرفاعي في هذا السياق، إن «سرعة الانتشار في مواقع التواصل الاجتماعي صعّبت على الصحافي الانفراد بالأخبار الحدثية، لكن الصحافي إذا فاته الخبر الأول الخالي من التفاصيل يستقصي عنه ويضيف إليه، بهذا قدمت له المواقع المذكورة ميزة جوهرية تكمن في اختصار الجهد عليه من خلال تقديم معلومات أولية، ويبقى دور مهارة الصحافي في استغلالها». ويرى الرفاعي أن وسائل التواصل «زادت من صعوبة الصناعة الصحافية التقليدية، لكن إيجابيتها تكمن في أنها توفر للصحافي كماً هائلاً من المعلومات يحتاج إلى عين خبيرة وجهد إضافي، لأن وسائل التواصل الاجتماعي تكتفي بنشر المعلومات الأولية سواء أكانت صحيحة أم إشاعة أم إعلاناً، لأنها بالأساس تقوم على المشاركة الجماهيرية، ما يعطي قيمة لمعلومة الصحافي التي تقوم على أسس مهنية ترتكز على مبادئ الصحافة». وعن آلية عمل وسائل التواصل وممارستها الصحافة، يقول مدير مكتب قناة «العربية» في السعودية خالد المطرفي إن مواقع التواصل «ما زالت تقتات على الصحف على رغم سرعتها في تغطية الأحداث المحلية، باعتبارها تعتمد في نقل الأخبار على الصحف وتظل ناقلة وليست صانعة، وعلى رغم أنها باختلاف قوالبها تشكل بيئة لتوليد الأفكار وأخرجت أسماء مهمة، فإنها تفتقد إلى الصدقية بنقل معلومات وإشاعات، على عكس أخلاقيات المهنة الصحافية التي ترتكز على مرجعيات أخلاقية ومهنية». ويضيف المطرفي أن «طفرة الأفكار والمعلومات في مواقع التواصل الاجتماعي تساعد الصحافي في أن يكون خلاقاً، لأنه في مجال إبداعي (الإعلام) يساعد في توليد الأفكار أكثر من تردادها، وفي الحقيقة ترتبط الأمور بقدرات الصحافي ومهنيته، إذ إن قوة الأدوات التي يملكها والوسيلة التي يعمل فيها تعطيه الأفضلية عن الناقل في مواقع التواصل الاجتماعي». من جانبه، يقول القارئ علي الراجحي إنه كان يشتري جميع الصحف إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي أغنته عنها باعتبارها «تنقل مضمون الصحف في شكل مختصر ومنتقى». لكنه يلفت إلى أنه لا يثق بالأخبار التي تنشأ في المواقع، فيعود إلى الصحف ليدقق في صدقيتها. ويرى أن «التقنين والمراقبة في الصحف يعطيانها ثقة وصدقية لدى القارئ، فيما تفتقر مواقع التواصل إلى الرقابة ما يضعف الثقة بمعلوماتها». ويؤكد المتلقي يوسف الفوزان أنه بات يعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي في تلقي الأخبار، إلا أنه يتحقق منها من خلال الحسابات الرسمية للجهات المعنية بالخبر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. ويبدو أن التفضيل والأهواء الشخصية تفتي بالإجابة على السؤال عما إذا كان وجود المصادر إضافة إلى المعلومة يغني عن العمل الصحافي التقليدي. ويقول إبراهيم الحمد في هذا السياق إنه لا يزال يفضل قراءة الصحف الورقية، ويرى أن عليه البحث عن المعلومة في الوسيلة التي يثق بها لا أن تصل إليه من خلال مصادر غير معلومة.