ثلاث وثلاثون دولة عربية وإسلامية ودول أمريكا الجنوبية يتوافدون اليوم إلى العاصمة السعودية الرياض لتلبية الدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لحضور القمة العربية اللاتينية الرابعة التي تعقد لمدة يومين، حيث يناقش أصحاب الجلالة والسمو ورؤساء الدول ملفات مهمة في مجالات عدة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية إضافة إلى تبني مشروع إعلان الرياض الذي سوف يصدر عن القمة لأهم القضايا المطروح على أعمال هذه القمة التي تأتي في ظروف استثنائية وظروف الأوضاع التي تعيشها بعض الدول العربية مثل فلسطين وسوريا والعراق واليمن وتطورات الأوضاع في هذه الدول.. كما سوف تبحث القمة موضوع التجارة الحرة بين هذه الدول وموضوع الاستثمار بين هذه الدول وتعزيز مستوى التمثيل التجاري بين الدول المشاركة في هذه القمة إضافة إلى بحث الاستثمار الزراعي والتبادل التجاري. من جهة أخرى عقد في الرياض أصحاب المعالي وزراء الخارجية العرب اجتماعهم على المستوى الوزاري في مجلس الجامعة العربية في دورة غير عادية لبحث التطورات العربية. ازدانت مدينة الرياض بأعلام الدول المشاركة في القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية والتي تستضيفها الرياض، اليوم الثلاثاء. وأتمت الجهات المعنية تركيب آلاف الأعلام للدول المشاركة في القمة على جميع الطرق الرئيسية والجسور والشوارع المؤدية لمقر انعقاد القمة، بالإضافة إلى مئات اللوحات الترحيبية بأعضاء الوفود المشاركة في أعمالها على طول الطرق الرئيسية بمدينة الرياض، والميادين والساحات الكبرى. وتستضيف الرياض اليوم الثلاثاء القمة العربية - الأمريكية الجنوبية في دورتها الرابعة وسط توقعات بتوفر فرص أعلى للتقارب في ظل مراحل التوتر والاضطرابات التي تشهدها المنطقة، حيث تبرز أهمية التحول والانفتاح نحو التكتلات الكبرى. - ملفات هامة: القمة تنتظرها ملفات في غاية الأهمية تبحث قضايا إقليمية ودولية تهم الطرفين، مثل القضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب وإنشاء قوة عسكرية عربية والوضع في سورية وليبيا واليمن وتطورات معاهدة عدم الانتشار النووي. على أجندة القمة أيضا جوانب مثل تطوير آلية للتعاون في مجالات الاقتصاد والثقافة والتربية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا وحماية البيئة والسياحة، وذلك لتحقيق التنمية الدائمة في تلك البلدان. - ثقل دولي: تتكون القمة العربية الجنوبية من 33 دولة و12 دولة من أمريكا الجنوبية (الأرجنتين، بوليفيا، البرازيل، شيلي، كولومبيا، الإكوادور، جويانا، باراجواي، بيرو، سورينام، أوروجواي، فنزويلا)، و22 دولة عربية (الجزائر، البحرين، جزر القمر، مصر، الإمارات، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، ليبيا، موريتانيا، المغرب، عمان، فلسطين، قطر، السعودية، الصومال، السودان، تونس، اليمن، جيبوتي)، إضافة إلى مشاركة كل من جامعة الدول العربية واتحاد دول أمريكا الجنوبية. - عشر سنوات.. مشجعة: يذكر أنه حتى الآن قد عُقدت ثلاث قمم حتى الآن، الأولى في برازيليا في 10 و11 مايو 2005، والثانية في الدوحة في 31 مارس 2009، والثالثة في ليما في 2 أكتوبر 2012م. هذه القمة ستجسد قمة عشر سنوات من التقارب والمواقف المشتركة بين الطرفين. خصوصًا بعد المكتسبات الملموسة وأبرزها التقارب السياسي ووجهات النظر وأيضا تعزيز التبادل التجاري الذي سجل قفزات كبيرة خلال القمم الماضية. - الثقل الدولي للمملكة: يمثل الثقل الدولي للمملكة ورقة مهمة جعلتها في الريادة في دعم هذا الحراك. المملكة أكملت استعداداتها لاستضافة الدورة الرابعة بما يتناسب والدور الإقليمي والدولي الذي تمثله المملكة المؤثر في مجريات كثير من الملفات المهمة والشائكة في العلاقات الدولية. - الاقتصاد.. أرقام ودلالات: يستدعي هذا الجانب المهم جدًا كما يقول المتخصصون انفتاحاً في جوانب أبرزها العمل على إزالة المعوقات التي تعترض طرق نجاح عمليات التبادل التجاري.. ويمكن إبراز العديد من الخطوط المهمة في هذا الجانب كالتالي: - الناتج المحلي العربي الإجمالي مشجع وهو مرشح للارتفاع إلى 3,027 مليار دولار في 2015م. - حلت المنطقة العربية للسنة الثانية على التوالي في المرتبة الرابعة عالمياً من بين 7 مجموعات جغرافية. - حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والأمريكية الجنوبية منذ قمة برازيليا متمثلاً في ارتفاع التبادل التجاري من ثمانية مليارات دولار في عام 2005 إلى 21 مليار دولار. - تعول الدول العربية على عدد الجاليات العربية في القارة الأمريكية الجنوبية والتي تشكل نسبة تقدر بما بين 10 و15 في المائة من سكان القارة في العمل على تطوير العلاقات بين الجانبين. - تكتسب القمة أهمية كبرى سياسياً واقتصادياً حيث تضم دول الطرفين عدد سكان يصل لأكثر من 700 مليون نسمة، وهو الذي يمهد لمولد كيان اقتصادي جديد موازٍ للكيانات الاقتصادية القائمة في العالم بجانب وجود 25 مليون مواطن عربي في هذه الدول. - وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين نهاية عام 2014 إلى 30 مليار دولار، بعد أن كان حوالي 6 مليارات دولار عام 2005 عند انطلاق أول قمة عربية مع دول أميركا الجنوبية في البرازيل. - على مدى العشر سنوات الأخيرة - منذ انعقاد القمة الأولى في البرازيل- والتي يعتبر من أهم مظاهرها زيادة حجم التبادل التجاري من 8 مليارات دولار عام 2005 إلى 21 مليار دولار عام 2009 ووصل إلى 30 مليار دولار في الآونة الأخيرة. - تم تأسيس «مجلس علاقات العالم العربي بأمريكا اللاتينية ودول الكاريبي» (كارلاك) والذي نفذ أكثر من 50 فعالية دبلوماسية واقتصادية مشتركة. - تدرس الشركات العربية فرصاً عديدة للاستفادة من دول جنوب أمريكا التي تتكون من حوالي 12 دولة رئيسية تقع على مساحة تقدر بحوالي 17 مليون كيلو متر مربع، وتعداد سكاني يقارب 400 مليون نسمة، وبهذا تكون القارة الرابعة من حيث المساحة والخامسة من حيث تعداد السكان. - طموح ذكي: هذا فيما تخطط الشركات اللاتينية للاستثمار في دول العالم العربي، عبر الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط العديد من الدول العربية مع الولاياتالمتحدة والشراكة مع الاتحاد الأوروبي.، ومنطقة التجارة الحرة بين الدول العربية والتي تشمل سوقاً واسعة وتزخر بالموارد الطبيعية والقوى البشرية المدربة. كما تسعى أيضا للاستفادة من قرار مهم جدا وهو قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في فتح الاستثمار أمام الشركات الأجنبية. بالإضافة لمناقشة إقامة مسار بحري مباشر بين أمريكا الجنوبية والعالم العربي، ومما يعزز ذلك انتماء ثلاث من هذه الدول -وهي السعودية والبرازيل والأرجنتين- إلى مجموعة العشرين. - أهمية المرحلة في التكامل والتكتل: حافلة هذه القمة بالفرص الذهبية، فبالإضافة لما ذكر تضم دولاً لها ثقلها الكبير مثل دول الخليج ودولاً مثل البرازيل ومصر والأرجنتين في مقدمة من يتوقع لهم تحقيق خطوات أكبر لتحقيق حضور إقليمي ودولي. هذا فيما تعزز هذه القمة جانباً لا يقل أهمية فهو يتيح تقارباً عربياً داخلياً أكبر خصوصاً من خلال سعيها لتنسيق جهودها قبل الجلوس على طاولة مفاوضات مع شريك بحجم دول أمريكا الجنوبية. - تفاؤل ملموس: يقول د. محسن منجيد المتخصص في شؤون أمريكا الجنوبية: من المرتقب أن يصدر عن القمة الرابعة ما يتوج 10 سنوات لاتخاذ مواقف مشتركة بما يدعم مواقف الدول النامية». من جهته يقول السفير السعودي في مصر أحمد قطان: «نشعر بالارتياح للتوافق والتقارب بين وجهات النظر تجاه العديد من القضايا والمسائل الدولية، ونثني على المواقف الإيجابية من دول أمريكا الجنوبية الصديقة المؤيدة للقضايا العربية.. السعي إلى أن تساهم قمة الرياض بشكل فعال وملموس في استثمار تلك الإمكانات لتحقيق تطلعات الشعوب، بما يعود بالفائدة على الجميع». - متابعة تنفيذ الخطط المشتركة: بدوره أكد منسق الجانب الأمريكي الجنوبي فلافيو داميكو «رئيس وفد البرازيل: أهمية التعاون العربي الأمريكي الجنوبي والمتواصل منذ 10 سنوات جسدته ثلاث قمم.. القمة المرتقبة في الرياض تشكل أولوية لدينا لاستكمال التنسيق والتشاور بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك والمبادرات التي أطلقت خلال القمم السابقة ومتابعة تنفيذها وتطبيق الخطط التنموية المشتركة». - فتح الأبواب المغلقة: حول ذلك يقول الكاتب أحمد بن عبدالرحمن الجبير عضو جمعية الاقتصاد السعودية: «هذه القمة التي تأسست بناء على اقتراح من الرئيس البرازيلي السابق لويس دا سيلفا، خلال المؤتمر الأول الذي عقد في مدينة برازيليا في مايو 2005م وهو ما فتح أبوابًا كانت مغلقة.. مدعوون للانفتاح على أمريكا اللاتينية بقوة، فهي استطاعت خلال السنوات العشر الماضية أن تقطع شوطًا كبيراً في التنمية وفي التطور التقني والصناعي». - المؤمل والمنتظر: المؤكد أن هذه القمة لديها فرصة كبيرة لنقل الأطراف المشاركة لمستوى تحالف دولي قوي وفاعل ينتظر من خلاله أن تدعم الدول اللاتينية المواقف العربية السياسية بالدرجة الأولى، وخاصة في قضايا حساسة مثل القضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب وما تدعمه من دول مثل إيران وكذلك وبعض ما تمر به المنطقة من تحولات خطيرة. بالمقابل تتوقع الدول اللاتينية من الدول العربية مساندة فاعلة خاصة في الجانب الاقتصادي وصولاً لمساندة في محطات سياسية أبرزها قضايا أممية وإشكالياتها مع منظمة التجارة العالمية. وأن تركز الدول العربية على شراكات اقتصادية فاعلة خاصة مع الدول اللاتينية المتقدمة في مجالات مثل صناعة الطائرات والتكنولوجيا الاستثمارية.