كتبت في مقال سابق عن التضخم في عدد أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، واليوم أكتب عن صورة معاكسة مقلقة في جامعة الملك فيصل. جامعة الملك فيصل يتجاوز عمرها أربعين عاماً، ويبلغ عدد طلابها 36636 طالباً ينتظمون في كليات غالبيتها كليات تطبيقية. عدد أعضاء هيئتها التدريسية وفق الإحصائيات الواردة على موقعي الجامعة ووزارة التعليم العالي موقع إحصائيات وزارة التعليم العالي يبلغ 1511 فقط، منهم 104 أستاذ و 218 أستاذ مشارك و 540 أستاذ مساعد، و262 محاضر، و387 معيد فقط. إضافة إلى ذلك فإنّ حوالي 60 من كلياتها ذات طبيعة علمية تطبيقية كالكليات الصحية والزراعية والهندسية. هذا يقود لعدة استنتاجات: أولاً : تدني نسبة الأساتذة إلى الطلبة حيث يبلغ 24،25 طالباً لكل أستاذ ( بما فيهم المعيدون)، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بجامعات سعودية أخرى وبالمعدل العام للجامعات السعودية والبالغ حوالي 20 طالباً لكل عضو هيئة تدريس. بالمقارنة؛ جامعة الملك سعود تبلغ النسبة أقل من عشرة طلاب لكل أستاذ، رغم أن الكليات الأدبية في جامعة الملك سعود أكثر منها في جامعة الملك فيصل. طبعاً جامعة الملك سعود ليست المعيار المرجعي، حيث تعتبر من الجامعات المتضخمة بأعضاء هيئة التدريس، ولكن للمقاربة في إيضاح الفروقات بين الجامعات السعودية، نجد جامعة الملك فيصل بحاجة إلى ألفي عضو هيئة تدريس إضافي لتعادل جامعة الملك سعود في نسبة الطلاب إلى الأستاذ الجامعي، وحوالي ألف عضو هيئة تدريس لمعادلة المعدل العام لجميع الجامعات السعودية. ثانياً: تدني عدد المعيدين بجامعة الملك فيصل حيث يبلغ عدد المعيدين 387 معيداً فقط، مقارنة بجامعات أم القرى، الملك عبد العزيز، الملك سعود، الإمام محمد بن سعود، الملك خالد، القصيم التي يتجاوز عدد المعيدين في كل منها ألف معيد، بل ويزيد عن ألفي معيد في جامعتي الملك سعود والملك عبد العزيز. حتى الجامعات الحديثة النشأة كالدمام وجازان وسلمان والأميرة نورة وتبوك والطائف وطيبة تتفوق على جامعة الملك فيصل في أعداد المعيدين. ثالثاً: لا يوجد معيار أو هدف نسعى إلى تحقيقه في مجال عدد أعضاء هيئة التدريس بكل جامعة، فجامعة يتضخم العدد فيها بشكل كبير وأخرى تعاني الكثير. ربما نطالب هيئة الاعتماد الأكاديمي بتحديد معايير مناسبة في هذا الشأن تضمن نسبة مقبولة لعدد أعضاء هيئة التدريس مقابل الطلاب، كأحد معايير الاعتماد الأكاديمي. من هنا نخلص إلى أنّ جامعة الملك فيصل بحاجة إلى دعم لمعالجة خلل المعيار الأكاديمي المتعلق بعدد الأساتذة للطلاب. الجامعة ستزداد معاناتها في مستقبل الأيام إذا لم تعمل على زيادة أعداد المعيدين الذين يمكن تأهيلهم للمستقبل كأعضاء هيئة تدريس برتبة أستاذ مساعد وما فوق ذلك. بل أخشى أن تصل الجامعة إلى مرحلة يكون فيها الفاقد من أعضاء هيئة التدريس بحكم التقاعد وغيره من العوامل مقارباً أو أكثر من الداخل، وبالتالي تسوء معايير جودتها بفعل هذا العامل المهم. ولا أدري هل معاناة جامعة الملك فيصل تكمن في عدم توفر الوظائف الكافية لديها لأعضاء هيئة التدريس، أم في آليات التعاقد التي تتبعها الجامعة مع أعضاء هيئة التدريس، بمن فيهم المعيدون والمعيدات؟ هذه نقطة ضوء لجامعة الملك فيصل، التي لا أخفي تقديري الخاص لها، وذات التاريخ العريق الممتد لأربعة عقود، مع دعواتي لإدارتها ومجالسها بالتوفيق في طرح الحلول المناسبة لتجاوز هذا النقص في أعضاء هيئتها التدريسية، والذي قد يعوق ريادتها المستقبلية.