تقاس كفاءة المنظومة الإدارية بتوازن مخرجاتها مع مدخلاتها، وفي القطاع الأكاديمي هناك معايير تكشف كفاءة الأداء مثل الإنتاجية البحثية لعضو هيئة التدريس وكلفة الطالب الجامعي ونسبة الطلاب إلى الأستاذ الجامعي ونسب التسرب وإكمال الطلاب، وغيرها من المعايير. الجامعات السعودية لا توفر المعلومات بشكل شفاف، ولذلك نحن نجتهد باستخدام المعطيات المتوفرة لدينا للحصول على الأرقام والمؤشرات المطلوبة. على سبيل المثال؛ تخفي الجامعات نسب التسرب وعدد الذين ينهون المرحلة الجامعية في الوقت المفترض، لكنها لا تستطيع إخفاء ميزانياتها أو أعداد طلابها أو عدد أعضاء هيئة التدريس، لأنه من حسن الحظ، تلك الأرقام تعلن عن طريق جهات أخرى كوزارات المالية أو التعليم العالي أو التخطيط. بعد هذه المقدمة ومن واقع تصريح مسؤول بوزارة التعليم العالي يشدد فيه على تطوير كفاءة العمل بالجامعات السعودية، ستكون نقطة الضوء على جامعة الملك سعود بصفتها الجامعة الأم - كما يطلق عليها محبوها- فأسأل هل إنتاجيتها تدل على كفاءة إدارتها في الإستفادة المثلى من مواردها أم أنها تضخمت حد الهدر الذي يحتاج مواجهة ومعالجة واضحة؟ تبلغ ميزانية جامعة الملك سعود حوالي تسعة ونصف مليار ريال، بينما يبلغ عدد طلابها وفق إحصائيات وزارة التعليم العالي 61412 طالباً، وهذا يعني أن كلفة الطالب بجامعة الملك سعود يبلغ 153,455 ريال، وهو مبلغ ضخم بكل المقاييس في جامعة عمرها تجاوز السبعة عقود وليست في طور البناء أو التأسيس، حتى لا يتصور البعض أنها مبالغ بناء جامعة جديدة. عدد أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك سعود يبلغ 6322 عضو هيئة تدريس وفق إحصائيات وزارة التعليم العالي، مما يعني أن نسبة الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس يبلغ 9.7 طالب لكل أستاذ وهي نسبة تدل على ضعف الكفاءة في إستغلال الموارد، بالذات إذا ما علمنا بأن أكثر من نصف طلاب وطالبات الجامعة يدرسون بتخصصات نظرية في كليات العلوم الإنسانية المختلفة. المعدل العام للجامعات السعودية يبلغ 21 طالباً لكل عضو هيئة تدريس. البعض سيجيب بأنها جامعة بحثية وتقاس انتاجيتها بالبحث العلمي، لذا نأخذ معيار البحث العلمي كمقياس. إنتاجية البحث العلمي لدى جامعة الملك سعود يبلغ أقل من 2000 ورقة بحثية سنوياً. معدل نشر الجامعة السنوي بين 2008 و2012 م بلغ 1947 ورقة علمية وفق تقرير نشرته مجلة الراصد الدولي التي تصدرها وزارة التعليم العالي وتم استقائه من بيانات شبكة تومسون للمعرفة، مما يشير إلى أن عضو هيئة التدريس بالجامعة ينتج أقل من ثلث ورقة علمية سنوياً. أو بمعنى آخر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود يمضي ثلاث سنوات دون أن ينتج ورقة علمية واحدة في بعض الحالات! و لا ننسى بأن عدد طلاب الدراسات العليا بالجامعة يبلغ 8284 وهؤلاء في عرف الجامعات العالمية يمثلون قوة بحثية وتعليمية لا يستهان بها. بعض الجامعات تتوقع أن ينشر طالب الدكتوراه ما لا يقل عن ورقتين أو ثلاث ورقات علمية إضافة إلى المشاركة في التدريس، فأين إنتاجية طلاب الدراسات العليا بجامعة الملك سعود البحثية والتدريسية؟ أنا هنا تعاملت مع المدخلات والمخرجات كمراقب من الخارج، ولم أتحدث عن العمليات المتمثلة في التضخم الإداري والهدر المالي و تسرب أعضاء هيئة التدريس وتواضع البيئة الأكاديمية وغيرها. وأختم بأن الإستراتيجيات المتمثلة في تغير الشعار والإبداع في العروض المرئية والعبارات الرنانة، لا تعنيني طالما لم أرى التغيير واقعاً عملياً في المخرجات كماً ونوعاً...