الأمن والاستقرار مسألة حيوية ضرورية للجميع. ولكنها بالنسبة للمرأة بالذات قضية مصيرية الأبعاد فهي بفطرتها, في حال كونها سوية الانفعالات, تطلب حماية موقع عشها وتأمين مستقبل صغارها, وترغب في عش يسوده الرضا والدفء وديمومة الشعور بأمن الانتماء. والأم تغرس الشعور بالرضا والانتماء في أبنائها. لكنها لا تستطيع أن تحقق ذلك إن لم تكن هي تشعر بهذا الإحساس في أعماق أعماقها عبر شعور متبادل بالرضا عن موقعها كأنثى في معادلة المجتمع وقوانين المواطنة, حين الوطن أو المجتمع والأسرة لا يغمطون حقها لمجرد كونها أنثى؛ أن يكون لها حق خيار العمل والراتب المجزي وفرص التدريب والتنافس والترقية سواء في إطارها كفرد مواطن أو في إطارها سليلة أسرة أو وريثة فئة مجتمعية. و حين تحاول -إن حاولت- زرع الشعور بالمواطنة وتوطيدها في أبنائها, فلن يرتقي هذا الوعي من النظرية الى التجذر في شعور النشء, إلا إذا رأى بأم عينه أن الوطن يحمي كل حقوقها وحقوقه في المواطنة - وليس فقط حدود الأرض- فيضمن له الحصول على كل مستحقاته, بما في ذلك فرصة العيش الكريم والرعاية الصحية, وحماية أمنه داخل نسيج المجتمع , والتعلم والتدريب والعمل لبناء نفسه وتكوين أسرة, ويؤمن له القدرة على رعايتها صحيا وأمنيا خلال حياته وبعد موته. الأمن يتطلب الشعور بالانتماء والولاء والوفاء واحترام حقوق الآخرين, نبنيه عبر التنشئة الأسرية الواعية في المنازل, وبانتقاء محتوى مناهج المدارس, والتدقيق في من سيقومون بالتعليم. ثم ندعمه استعدادا للطوارئ بالتجنيد, والتدريب العسكري. العدوان من الخارج يتطلب الاستعداد لحماية الحدود والفضاءات, ببناء القوة الدفاعية من الجيوش والمعدات والطاقات البشرية المدربة. أما ضعف بنية اللحمة من الداخل, فتعالج باجتثاث مسببات عدم الاستقرار بين المواطنين نفسيا واقتصاديا, وبغرس وتقوية الشعور بالانتماء. لنحمي أمن الوطن من الداخل علينا أن نبني فيه الشعور بالرضى والأمان والاستقرار, وذلك لا يتحقق إلا بتحقق شعور المرأة بالأمن في حياتها الحميمة في الأسرة والمجتمع والعمل الوظيفي. فإذا حققنا ذلك يزهر في الشعور الحي بالانتماء والمواطنة ثم يثمر في فعلها وتفاعلها مع أبنائها.. ومع الوطن. ولذلك لننتبه إلى حقوق المرأة كمواطنة وإلى أمنها النفسي والبدني والمادي. يا صانع القرار أعطنا مجتمعا مسيجا بالقانون وليس أهواء الأفراد, يحترم قدرات المواطن ومساهمته بغض النظر عن مواصفاته الأخرى؛ ويضمن حق المرأة في المواطنة والأمن وحرية الحركة وتقرير المصير.. ويحميها من العنف داخل حميمية المنزل, ومن التحرش حين تسعى الى رزقها أو لقضاء احتياجاتها خارج المنزل. أعطهن مجتمعا يشعرن فيه بإرضاء إنسانيتهن بكل أبعاد مسؤولياتها وحقوقها, يعطينك مواطنات يزرعن في أبنائهن وبناتهن إخلاص الانتماء, ومناعة مقاومة ذاتية تصد أي محاولة لتضليلهم تروج وتسوق الخيانة. وسنوطد أوطانا مستقرة في منطقة ضمنت أمنها الداخلي.