ذكرني مقال حمزة السالم هداه الله للسلفية الحقة، ذكرني مقاله برجل عربي من الأحواز التقيت به في موسم الحج بعد محاضرة ألقيتها دار بيني وبينه أحاديث، سألني خلالها عن السلفية، وقال: إنهم قالوا لي احذر السلفية (الوهابية) وأنها سبب تراجع الأمة وأن الوهابية في آخر حياتها، فشرعت في الجواب، وقلت: إن السلفية معناها ربط الناس بالله، فهي الكرامة والعزة وأن ترفع رأسك دائماً، والطوائف الأخرى معناها ربط الناس بالناس أو الأولياء، أو المقبورين، أو السادة، ومعناها الذل والهوان والمهانة، السلفية يا أخي تنوير للعقول، والأفهام، السلفية شرف، وعلم وتقدم، السلفية مواكبة لكل جديد، والسلفية تغذي العقول، وتنير الأفهام، وتدعو إلى كل علم، السلفيون، يتعاملون مع الأحداث والقضايا، بنور الوحي الوحي عندهم لا يصادم العقول السليمة، لقد حرص كبار السلفيين قبل قرنين من الزمن على تنوير العقول ومحاربة التخلف والتعلق بالأضرحة، ودعا إلى عدم الخضوع أو الخنوع لأحد مهما كانت مكانته، أو علت منزلته، السلفية أسست دولة نهضت ثلاث مرات، السلفية أصلها ثابت وفروعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ومن السلفيين، الإمام محمد بن عبدالوهاب، إن محمد بن عبدالوهاب رجل منَّ الله عليه بهذه الدعوة الإصلاحية نشر من خلالها الفكر السليم ودعا إلى تحرير عقول الناس من التعلق بالبشر، والخضوع لهم، وأراد أن يستقل المرء بعقله ويتحرر بفكره كما هي دعوة الرسل، وأن الموتى لا يملكون حولا ولا طولا، ثم قلت: ألا ترى أن اللات التي كانت تعبد في الجاهلية هو رجل صالح كان يخدم الحجاج، وهدمها النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} (لنجم: 19-20) نعم لقد هدم ابن عبدالوهاب القبة المنصوبة على قبر زيد بن الخطاب شقيق عمر بن الخطاب عملاً بوصية علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم أن قال لأبي الهياج: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبر مشرفا إلا سويته..). أخي نحن لا ندعي عصمته أو قداسته، نحن لا نغلو فيه، هو في نظرنا لا ينفع، أو يدفع أو يرفع، نحن لا نتبرك بإثارة، بل نحن لا نعرف قبره، ولا مسكنه، ولا نقدس ذريته، فهو مثله مثل سائر الناس إلا أن الله منَّ عليه بهذه الدعوة الإصلاحية، وذلك فضل الله يأتيه من يشاء: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ...}(النساء:54) أخي الفاضل.. عقيدة ابن عبدالوهاب ظاهرة جليه في كتبه، اعرف تماماً أن هناك شبهات يثيرونها ضده منها:- 1- أنه يكفر الناس، وأن الوهابية يكفرون الناس. والرد: أن هذا كذب وافتراء فإن الذين يكفرون الناس هم الخوارج. والسلفية أو كما يقولون الوهابية هم أشد الناس على الخوارج أهل التكفير والتفجير, إن أول من تصدى للخوارج المكفرة في هذا العصر هم أبناء المدرسة الوهابية، إن أول من فند أقوالهم وتصدى لضلالاتهم، هم أبناء المدرسة السلفية (الوهابية) بعد ضرب برج التجارة العالمي في أمريكا، نعم لقد ترددت بل وجاملت بعض الجماعات والطوائف، فكان أول من تصدى هم أبناء هذه المدرسة أمثال:- * الشيخ صالح بن محمد اللحيدان.. عضو هيئة كبار العلماء. * الشيخ صالح بن فوزان الفوزان.. عضو هيئة كبار العلماء. * الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ وهو من أبناء محمد بن عبدالوهاب وأبناء المدرسة فتكلموا يوم أن تردد من تردد، وبينوا يوم خشى الناس الناس، وقذفوا بالحق على الباطل فإذا هو زاهق. ولو فرضنا جدلًا أن من المنتسبين للوهابية حسب زعمكم من كفر أو فجر، فإن هذا لا يضر منهج السلفية، أوليس أولئك ينتسبون للإسلام فهل يضر ذلك الإسلام، أوليس في الخوارج من تتلمذ على الصحابة - رضي الله عنهم - أيضر ذلك الصحابة، إن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه تتلمذ على يدي معاذ بن جبل، أفيضره ذلك. ومن الشبه:- 2- إن الوهابية لا يعظمون رسول صلى الله عليه وسلم والحق أنهم يعظمونه غاية التعظيم والدليل كتبهم ومؤلفاتهم. فإن لابن عبدالوهاب مصنفات في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب وغيرهم من تلاميذهم وأبنائهم وغاية ما في الأمر أنهم لما عظموا أوامره صلى الله عليه وسلم في قوله (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبدٌ فقولوا عبدالله ورسوله....) ظن وأعتقد أعداء السلفية أنهم لا يعرفون حقه ولا يعظمونه، إن ابن عبدالوهاب عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أن ترك أقوال العلماء مهما بلغوا رتبة ومنزلة إذا هي خالفت قول رسول رب السماوات والأرض. ومن الشبه:- 3- أن الوهابية لا يحبون آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه فرية منشأها أن الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود ذهب إلى العراق بجيشه وهدم مشهد النجف الذي يزار في العراق، ولئن كانوا هدموا المشهد الذي يزار في العراق فلقد هدموا المشهد المصوب على قبر زيد بن الخطاب رضي الله عنه في نجد فمرادهم تحرير العقول وتنوير الأذهان من التعلق بالموتى، ثم ليعلم أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب لمحبته لآل البيت قد سما أولاده بأسماء آل البيت فسمى الحسن والحسين وعلي وفاطمة - رضي الله عنهم - وهذا مشهور معروف ومازال أبناؤه يسمون بهذه الأسماء فإمام الحرم النبوي في وقتنا هذا اسمه حسين آل الشيخ وغيره كثير ومن الشبه :- 4- أن ابن عبدالوهاب لا يحترم الأولياء والصالحين وينكر الشفاعات والجواب: أن ابن عبدالوهاب يرى للصالحين مكانتهم، وللأولياء منزلتهم ولكنهم بشر لا يضرون أو يدفعون، أو يرفعون، ولم يأتِ بجديد عليه رحمة الله، وأنت ترى أن بداية الشرك كان سببه تعظيم الصالحين ودا ويغوث ويعوق ونسرا في زمن نوح عليه السلام. 5- أنه جاء بأقوال محدثة ومذهب جديد. وهذا غير صحيح ومن نظر في رسائله، أو كتبه وخاصة كتاب التوحيد (الذي هو حق الله على العبيد) وجد أنه مجموعة آيات وأحاديث وآثار الصحابة، وليس فيه حرف واحد من جعبته ورأيه فتأمل. 6- أنه متشدد. وهذا غير صحيح وتأمل كتب الشيخ ورسائله سواء العقيدة أو الفقه أو رسائله لمن سألوه عن عقيدته تجد سهولة العبارة وسلامة الفكر وأدب الحديث، والدعاء للقارئ والمرسل إليه بالحفظ والتوفيق والرحمة... إلخ. 7- أنه ليس من أهل العلم والاختصاص في الشريعة. ليعلم أن الشيخ أخذ العلم عن علماء العالم الإسلامي فمن فشيوخه:- أ - محمد بن حياة السندي من بلاد السند. ب- عبدالله بن سالم البصري من البصرة وهو من سكان الحجاز. ج- محمد المجموعي من علماء العراق وغيره من علماء الإحساء. فالعلم أخذه من هؤلاء وأخيرا قلت: اعلم أن أعداء محمد بن عبدالوهاب ودعوته إما مكابر جاحد أو جاهل، أو حاسد وكأني بهم يقولون لو كان غيره كان أولى، ولقد قيلت كما قال الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ، أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ...} (الزخرف:31-32) فالله أراد بهذا الرجل الخير والرفعة وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء وكما قال تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ...} (النساء: 54). يقول رحمه الله لما سأله أحد علماء العراق عن عقيدته يقول: (وأخبرك أني - ولله الحمد - متبع، لست مبتدع، عقيدتي، وديني الذي أدين الله به، هو: مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة، وإتباعهم إلى يوم القيامة. ولكنني بينت للناس: إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأحياء، والأموات من الصالحين وغيرهم وعن وإشراكهم فيما يعبد الله به، ومن الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل وهو: الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم وهو: الذي عليه أهل السنة والجماعة. وأيضاً: ألزمت من تحت يدي، بإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة، وغير ذلك من فرائض الله ونهيتهم عن الربا وشرب المسكر وأنواع المنكرات فلم يمكن الرؤساء القدح في هذا وعيبه لكونه مستحسناً عند العوام فجعلوا قدحهم وعداواتهم فيما آمر به من التوحيد وأنهى عنه من الشرك ولبسوا على العوام: أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس ونسبوا إلينا أنواع المفتريات فكبرت الفتنة وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله. فمنها: إشاعة البهتان، بما يستحي العاقل أن يحكيه فضلاً عن أن يفتريه ومنها: ما ذكرتم: أني أكفر جميع الناس، إلا من اتبعني، وأني أزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، فيا عجباً كيف يدخل هذا في عقل عاقل ؟! وهل يقول هذا مسلم إني أبرأ إلى الله من هذا القول، الذي ما يصدر إلا عن مختل العقل، فاقد الإدراك فقاتل الله أهل الأغراض الباطلة، وكذلك قولهم، إني أقول: لو أقدر على هدم قبة النبي صلى الله عليه وسلم لهدمتها. وأما دلائل الخيرات، وما قيل عني: أني حرقتها، فله سبب، وذلك أني أشرت على من قبل نصيحتي من إخواني: أن لا يصير في قلبه أجل من كتاب الله، ولا يظن أن القراءة فيه أفضل من قراءة القرآن، وأما: إحراقها، والنهي عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي لفظ كان، فنسبة هذا إلي من الزور والبهتان. ومن أعجب ما جرى، من بعض الرؤساء المخالفين أني لما بينت لهم معنى كلام الله تعالى، وما ذكره أهل التفسير، في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} (الإسراء:57)، وقوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (يونس:18)، وقوله تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (الزمر:3). وما ذكره الله من إقرار الكفار في قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ}(يونس:31)، وغير ذلك قالوا القرآن لا يجوز العمل به لنا، ولا مثلنا ولا بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بكلام المتقدمين ولا نقبل إلا ما ذكره المتأخرون. وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول صلى الله عليه وسلم ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه وعاد من فعله فهذا هو الذي أكفره وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك. وأما القتال فلم نقاتل أحداً إلا دون النفس والحرمة فإنا نقاتل على سبيل المقابلة: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا...} (الشورى:40) كذلك من جاهر بسب دين الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ما عرفه والسلام) انتهى. هذه رسالة مختصرة نقلتها من رسائله رحمه الله تعالى. وأخيراً أقول لك وماذا بعد الحق إلا الضلال. فهد بن سليمان بن عبدالله التويجري - المدير العام المساعد لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم